(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (٢٨)
____________________________________
الخبائث أى لا يصدر عنهم مثل ذلك فمآله تنزيه القائلين سبحانك هذا بهتان عظيم (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) عظيمة لما لا يخلو عنه البشر من الذنوب (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) هو الجنة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ) إثر ما فصل الزواجر عن الزنا وعن رمى العفائف عنه شرع فى تفصيل الزواجر عما عسى يؤدى إلى أحدهما من مخالطة الرجال والنساء ودخولهم عليهن فى أوقات الخلوات وتعليم الآداب الجميلة والأفاعيل المرضية المستتبعة لسعادة الدارين ووصف البيوت بمغايرة بيوتهم خارج مخرج العادة التى هى سكنى كل أحد فى ملكه وإلا فالمآجر والمعير أيضا منهيان عن الدخول بغير إذن وقرىء بيوتا غير بيوتكم بكسر الباء لأجل* الياء (حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا) أى تستأذنوا من يملك الإذن من أصحابها من الاستئناس بمعنى الاستعلام من آنس الشىء إذا أبصره فإن المستأنس مستعلم للحال مستكشف أنه هل يؤذن له أو من الاستئناس الذى هو* خلاف الاستيحاش لما أن المستأذن مستوحش خائف أن لا يؤذن له فإذا أذن له استأنس (وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) عند الاستئذان روى عن النبى صلىاللهعليهوسلم أن التسليم أن يقول السلام عليكم أأدخل ثلاث مرات فإن أذن له دخل وإلا رجع (ذلِكُمْ) أى الاستئذان مع التسليم (خَيْرٌ لَكُمْ) من أن تدخلوا بغتة أو على تحية الجاهلية حيث كان الرجل منهم إذا أراد أن يدخل بيتا غير بيته يقول حييتم صباحا حييتم مساء فيدخل فربما صاب الرجل مع امرأته فى لحاف وروى أن رجلا قال للنبى صلىاللهعليهوسلم أستأذن على أمى قال له نعم قال ليس لها خادم غيرى أأستأذن عليها كلما دخلت قال صلىاللهعليهوسلم أتحب أن تراها عريانة قال لا قال صلىاللهعليهوسلم فاستأذن* (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) متعلق بمضمر أى أمرتم به أو قيل لكم هذا كى تتذكروا وتتعظوا وتعملوا بموجبه (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً) أى ممن يملك الإذن على أن من لا يملكه من النساء والولدان وجدانه كفقدانه أو أحدا أصلا على أن مدلول النص الكريم عبارة هو النهى عن دخول البيوت الخالية لما فيه من الاطلاع على ما يعتاد الناس إخفاءه مع أن التصرف فى ملك الغير محظور مطلقا وأما حرمة دخول ما فيه النساء والولدان فثابتة بدلالة النص لأن الدخول حيث حرم مع ما ذكر من العلة فلأن يحرم عند انضمام ما هو أقوى منه إليه أعنى الإطلاع على العورات أولى (فَلا تَدْخُلُوها) واصبروا (حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) أى من جهة من يملك الإذن عند إتيانه ومن فسره بقوله حتى يأتى من يأذن لكم أو حتى تجدوا من يأذن لكم فقد أبرز القطعى فى معرض الاحتمال ولما كان جعل النهى مغيا بالإذن مما يوهم الرخصة فى الانتظار على الأبواب مطلقا بل فى تكرير الاستئذان ولو بعد الرد دفع ذلك بقوله تعالى (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا) أى إن