(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (٣)
____________________________________
والزانية هى المرأة المطاوعة للزنا الممكنة منه كما تنبىء عنه الصيغة لا المزنية كرها وتقديمها على الزانى لأنها الأصل فى الفعل لكون الداعية فيها أوفر ولو لا تمكينها منه لم يقع ورفعهما على الابتداء والخبر* قوله تعالى (فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط إذ اللام بمعنى الموصول والتقدير التى زنت والذى زنى كما فى قوله تعالى (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما) وقيل الخبر محذوف أى فيما أنزلنا أو فيما فرضنا الزانية والزانى أى حكمهما وقوله تعالى (فَاجْلِدُوا) الخ بيان لذلك الحكم وكان هذا عاما فى حق المحصن وغيره وقد نسخ فى حق المحصن قطعا ويكفينا فى تعيين الناسخ القطع بأنه صلىاللهعليهوسلم قد رجم ما عزا وغيره فيكون من باب نسخ الكتاب بالسنة المشهورة وفى الإيضاح الرجم حكم ثبت بالسنة المشهورة المتفق عليها فجازت الزيادة بها على الكتاب وروى عن على رضى الله عنه جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقيل نسخ بآية منسوخة التلاوة هى الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من* الله والله عزيز حكيم ويأباه ما روى عن على رضى الله عنه (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ) وقرىء بفتح الهمزة وبالمد أيضا على فعالة أى رحمة ورقة (فِي دِينِ اللهِ) فى طاعته وإقامة حده فتعطلوه أو تسامحوا فيه وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) من باب النهييج والإلهاب فإن الإيمان بهما يقتضى الجد فى طاعته تعالى والاجتهاد فى إجراء أحكامه وذكر* اليوم الآخر لتذكير ما فيه من العقاب فى مقابلة المسامحة والتعطيل (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أى لتحضره زيادة فى التنكيل فإن التفضيح قد ينكل أكثر مما ينكل التعذيب والطائفة فرقة يمكن أن تكون حافة حول شىء من الطوف وأقلها ثلاثة كما روى عن قتادة وعن ابن عباس رضى الله عنهما أربعة إلى أربعين وعن الحسن عشرة والمراد جمع يحصل به التشهير والزجر (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ) حكم مؤسس على الغالب المعتاد جىء به لزجر المؤمنين عن نكاح الزوانى بعد زجرهم عن الزبابهن وقد رغب بعض من ضعفة المهاجرين فى نكاح موسرات كانت بالمدينة من بغايا المشركين فاستأذنوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى ذلك فنفروا عنه ببيان أنه من أفعال الزناة وخصائص المشركين كأنه قيل الزانى لا يرغب إلا فى نكاح إحداهما والزانية لا يرغب فى نكاحها إلا أحدهما فلا تحوموا حوله كيلا تنتظموا فى سلكهما أو تتسموا بسمتهما فإيراد الجملة الأولى مع أن مناط التنفير هى الثانية إما للتعريض بقصرهم الرغبة عليهن حيث استأذنوا فى نكاحهن أو لتأكيد العلاقة بين الجانبين مبالغة فى الزجر والتنفير وعدم التعرض فى الجملة الثانية للمشركة للتنبيه على أن مناط الزجر والتنفير هو الزنا لا مجرد الإشراك وإنما تعرض* لها فى الأولى إشباعا فى التنفير عن الزانية بنظمها فى سلك المشركة (وَحُرِّمَ ذلِكَ) أى نكاح الزوانى (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) لما أن فيه من التشبيه بالفسقة والتعرض للتهمة والتسبب لسوء القالة والطعن فى النسب واختلال