(يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (٥٢)
____________________________________
وهو النفع لأنه نفاع أو مفعول من عانه إذا أدركه بالعين فإنه لظهوره يدرك بالعيون وصف ماؤها بذلك للإيذان بكونه جامعا لفنون المنافع من الشرب وسقى ما يسقى من الحيوان والنبات بغير كلفة والتنزه بمنظره المونق (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ) حكاية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم على وجه الإجمال لما خوطب به كل رسول فى عصره جىء بها إثر حكاية إيواء عيسى عليهالسلام وأمه إلى الربوة إيذانا بأن ترتيب مبادى التنعم لم يكن من خصائصه عليهالسلام بل إباحة الطيبات شرع قديم جرى عليه جميع الرسل عليهمالسلام ووصوا به أى وقلنا لكل رسول كل من الطيبات واعمل صالحا فعبر عن تلك الأوامر المتعددة المتعلقة بالرسل بصيغة الجمع عند الحكاية إجمالا للإيجاز وفيه من الدلالة على بطلان ما عليه الرهابنة من رفض الطيبات مالا يخفى وقيل حكاية لما ذكر لعيسى عليهالسلام وأمه عند إيوائهما إلى الربوة ليقتديا بالرسل فى تناول ما رزقا وقيل نداء وخطاب له والجمع للتعظيم وعن الحسن ومجاهد وقتادة والسدى والكلبى رحمهمالله تعالى أنه خطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وحده على دأب العرب فى مخاطبة الواحد بلفظ الجمع وفيه إبانة لفضله وقيامه مقام الكل فى حيازة كمالاتهم والطيبات ما يستطاب ويستلذ من مباحات المأكل* والفواكه حسبما ينبىء عنه سياق النظم الكريم فالأمر للترفيه (وَاعْمَلُوا صالِحاً) أى عملا صالحا فإنه* المقصود منكم والنافع عند ربكم (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ) من الأعمال الظاهرة والباطنة (عَلِيمٌ) فأجازيكم عليه (وَإِنَّ هذِهِ) استئناف داخل فيما خوطب به الرسل عليهمالسلام على الوجه المذكور مسوق لبيان أن ملة الإسلام والتوحيد مما أمر به كافة الرسل عليهمالسلام والأمم وإنما أشير إليها بهذه للتنبيه على كمال ظهور أمرها فى الصحة والسداد وانتظامها بسبب ذلك فى سلك الأمور المشاهدة (أُمَّتُكُمْ) أى ملتكم وشريعتكم أيها الرسل (أُمَّةً واحِدَةً) أى ملة وشريعة متحدة فى أصول الشرائع التى لا تتبدل بتبدل الأعصار وقيل هذه إشارة إلى الأمم المؤمنة للرسل والمعنى إن هذه جماعتكم جماعة واحدة متفقة على الإيمان والتوحيد فى العبادة (وَأَنَا رَبُّكُمْ) من غير أن يكون لى شريك فى الربوبية وضمير المخاطب فيه وفى قوله تعالى (فَاتَّقُونِ) أى فى شق العصا والمخالفة بالإخلال بمواجب ما ذكر من اختصاص الربوبية بى للرسل والأمم جميعا على أن الأمر فى حق الرسل للتهييج والإلهاب وفى حق الأمم للتحذير والإيجاب والفاء لترتيب الأمر أو وجوب الامتثال به على ما قبله من اختصاص الربوبية به تعالى واتحاد الأمة فإن كلا منهما موجب للاتقاء حتما وقرىء وأن هذه بفتح الهمزة على حذف اللام أى ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون أى إن تتقون فاتقون كما مر فى قوله تعالى (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) وقيل على العطف على ما أى إنى عليم بأن أمتكم أمة الخ وقيل على حذف فعل عامل فيه أى واعلموا أن هذه أمتكم الخ وقرىء وإن هذه على أنها مخففة من إن.