(وَإِنْ جادَلُوكَ فَقُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (٦٨) اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٦٩) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧٠) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (٧١)
____________________________________
عن منازعتهم فلا يساعده المقام وقرىء فلا ينزعنك على تهييجه صلىاللهعليهوسلم والمبالغة فى تثبيته وأيا ما كان فمحل النزاع ما ذكرناه وتخصيصه بأمر النسائك وجعله عبارة عن قول الخزاعيين وغيرهم للمسلمين ما لكم تأكلون ما قتلتم ولا تأكلوا ما قتله الله تعالى مما لا سبيل إليه أصلا كيف لا وأنه يستدعى أن يكون أكل الميتة وسائر ما يدينونه من الأباطيل من جملة المناسك التى جعلها الله تعالى لبعض الأمم ولا يرتاب فى بطلانه عاقل (وَادْعُ) أى وادعهم أو وادع الناس كافة على أنهم داخلون فيهم دخولا أوليا (إِلى رَبِّكَ) إلى توحيده وعبادته حسبما بين لهم فى منسكهم وشريعتهم (إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ) أى طريق موصل إلى الحق سوى والمراد به إما الدين والشريعة أو أدلتها (وَإِنْ جادَلُوكَ) بعد ظهور الحق بما ذكر من التحقيق ولزوم الحجة عليهم (فَقُلِ) لهم على سبيل الوعيد (اللهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) من الأباطيل التى من جملتها المجادلة (اللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) يفصل بين المؤمنين منكم والكافرين (يَوْمَ الْقِيامَةِ) بالثواب والعقاب كما فصل فى الدنيا بالحجج والآيات (فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) من أمر الدين (أَلَمْ تَعْلَمْ) استئناف مقرر لمضمون ما قبله والاستفهام للتقرير أى قد علمت (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) فلا يخفى عليه شىء من الأشياء التى من جملتها ما يقوله الكفرة وما يعملونه (إِنَّ ذلِكَ) أى ما فى السماء والأرض (فِي كِتابٍ) هو اللوح قد كتب فيه قبل حدوثه فلا يهمنك أمرهم مع علمنا به وحفظنا له (إِنَّ ذلِكَ) أى ما ذكر من العلم والإحاطة به وإثباته فى اللوح أو الحكم بينكم (عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) فإن علمه وقدرته مقتضى ذاته فلا يخفى عليه شىء ولا يعسر عليه مقدور (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) حكاية لبعض أباطيل المشركين وأحوالهم الدالة على كمال سخافة عقولهم وركاكة آرائهم من بناء أمر دينهم على غير مبنى من دليل سمعى أو عقلى وإعراضهم عما ألقى عليهم من سلطان بين هو أساس الدين وقاعدته أشد إعراض أى يعبدون متجاوزين عبادة الله (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ) أى بجواز عبادته (سُلْطاناً) أى حجة (وَما لَيْسَ لَهُمْ بِهِ) أى بجواز عبادته (عِلْمٌ) من ضرورة العقل أو استدلاله (وَما لِلظَّالِمِينَ) أى الذين ارتكبوا مثل هذا الظلم العظيم الذى يقضى ببطلانه وكونه ظلما بديهة العقول (مِنْ نَصِيرٍ) يساعدهم بنصرة مذهبهم وتقرير رأيهم أو بدفع العذاب الذى يعتريهم بسبب ظلمهم.