(فَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٥٠) وَالَّذِينَ سَعَوْا
فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (٥١) وَما أَرْسَلْنا
مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلاَّ إِذا تَمَنَّى أَلْقَى
الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ
يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
(٥٢)
____________________________________
(فَالَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لما ندر منهم من الذنوب (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) هى الجنة والكريم من كل نوع ما يجمع فضائله ويجوز كمالاته (وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا
مُعاجِزِينَ) أى سابقين أو مسابقين فى زعمهم وتقديرهم طامعين أن كيدهم
للإسلام يتم لهم وأصله من عاجزه وعجزه فأعجزه إذا سابقه فسبقه لأن كلا من
المتسابقين يريد إعجاز الآخر عن اللحاق به وقرىء معجزين أى مشبطين الناس عن
الإيمان على أنه حال مقدرة (أُولئِكَ) الموصوفون بما ذكر من السعى والمعاجزة (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) أى ملازمو النار الموقدة وقيل هو اسم دركة من دركاتها (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ
رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) الرسول من بعثه الله تعالى بشريعة جديدة يدعو الناس إليها
والنبى يعمه ومن بعثه لتقرير شريعة سابقة كأنبياء بنى إسرائيل الذين كانوا بين
موسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام ولذلك شبه صلىاللهعليهوسلم علماء أمته بهم فالنبى أعم من الرسول ويدل عليه أنه صلىاللهعليهوسلم سئل عن الأنبياء فقال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قيل فكم
الرسل منهم فقال ثلثمائة وثلاثة عشر جماء غفيرا وقيل الرسول من جمع إلى المعجزة
كتابا منزلا عليه والنبى غير الرسول من لا كتاب له وقيل الرسول من يأتيه الملك
بالوحى والنبى يقال له ولمن يوحى إليه فى المنام (إِلَّا إِذا تَمَنَّى) أى هيأ فى نفسه ما يهواه (أَلْقَى الشَّيْطانُ
فِي أُمْنِيَّتِهِ) فى تشهيه ما يوجب اشتغاله بالدنيا كما قال صلىاللهعليهوسلم وإنه ليغان على قلبى فأستغفر الله فى اليوم سبعين مرة (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي
الشَّيْطانُ) فيبطله ويذهب به بعصمته عن الركون إليه وإرشاده إلى ما
يزيحه (ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ
آياتِهِ) أى يثبت آياته الداعية إلى الاستغراق فى شئون* الحق وصيغة
المضارع فى الفعلين للدلالة على الاستمرار التجددى وإظهار الجلالة فى موقع الإضمار
لزيادة التقرير والإيذان بأن الألوهية من موجبات إحكام آياته الباهرة (وَاللهُ عَلِيمٌ) مبالغ فى العلم بكل ما من* شأنه أن يعلم ومن جملته ما صدر
عن العباد من قول وفعل عمدا أو خطأ (حَكِيمٌ) فى كل ما يفعل والإظهار* ههنا أيضا لما ذكر مع ما فيه من
تأكيد استقلال الاعتراض التذييلى قيل حدث نفسه بزوال المسكنة فنزلت وقيل تمنى
لحرصه على إيمان قومه أن ينزل عليه ما يقربهم إليه واستمر به ذلك حتى كان فى
ناديهم فنزلت عليه سورة النجم فأخذ يقرؤها فلما بلغ ومناة الثالثة الأخرى وسوس
إليه الشيطان حتى سبق لسانه سهوا إلى أن قال تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن
لترتجى ففرح به المشركون حتى شايعوه بالسجود لما سجد فى آخرها بحيث لم يبق فى
المسجد مؤمن ولا مشرك إلا سجد ثم نبهه جبريل عليهالسلام فاغتم به فعزاه الله عزوجل بهذه الآية وهو مردود عند المحققين ولئن صح فابتلاء يتميز
به الثابت على الإيمان عن المتزلزل فيه وقيل