رحمة الله في الليل والنهار
الذي يتأمل تتابع الليل والنهار وملاحقة أحدهما للآخر يرى قدرة الله سبحانه وتعالى سافرة جلية ، وهذه القدرة سخرت هذا الكون ، وهذه الطبيعة لمصلحة الإنسان فكانت رحمة الله سابغة موصولة بقدرته سبحانه وتعالى العزيز الرحيم ، ولو لا رحمته جل شأنه المقرونة بهذه العظمة لاستحالت حياة الإنسان إلى سلسلة موصولة من الصعاب والمشقات ، لأن رحمة الله تروض للإنسان كثيرا من مصاعب ومتاعب الطبيعة.
قال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١).
يقول الإمام الفخر الرازي في تفسير هذه الآية :
نبه الله تعالى بهذه الآية على أن الليل والنهار نعمتان يتعاقبان على الزمان ، لأن المرء في الدنيا مضطر إلى أن يتعب لتحصيل ما يحتاج إليه ، ولا يتم له ذلك لو لا ضوء النهار ولو لا الراحة والسكون بالليل ، فلا بد منهما في الدنيا ، وأما في الجنة فلا نصب ولا تعب فلا حاجة بهم إلى الليل ،
__________________
(١) القصص (٢٨ / ٧١ ـ ٧٣) السرمد هو الدائم الذي لا ينقطع ، والسكون هو الاستقرار من التعب.