الخطأ ناشئ من الغفلة عن اختلاف سنخ الحجية بين الإمام المنصوص عليه ، المعصوم من الخطأ ، وأن إمامته كعهد من الله ورسوله المشار إليه في قوله تعالى : (لا ينال عهدي الظالمين) (١) ، وبين الحجية لفتوى المجتهد ، التي هي على نمطين عندهم أيضا ..
فتارة لا يخطئ وإن كان مدركه ظنيا ، كما تقدم نقله قولهم بذلك الذي ذهبوا إليه في حق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ والعياذ بالله ـ.
وأخرى أن المجتهد يخطئ ، وبناء على التخطئة فلا يلزم حجية قوله مطلقا ، كما أنها لا تشمل المجتهد الآخر.
وإذا انفتح باب الخطأ على الثلاثة فلا عصمة في البين ، ويمكن تطرق المخالفة العلمية أو العملية للأحكام الواقعية.
كما إنه على فرض كون أقوالهم من باب الاجتهاد ، فلا بد من أن تنضبط بموازين الاجتهاد ، لا أن يكون مطلق إبداء الرأي أمام النص اجتهادا بذريعة باب التأويل والتأول ، فهناك حد فاصل بين الاجتهاد وبين مخالفة الكتاب والسنة ، وبين إبداء الرأي وبين الرد على الرسول ، وبين الاجتهاد على الموازين وإن أخطأ وبين الشقاق مع الله ورسوله.
ثم إنه يعزز هذا الترديد عند العامة ما اشترطه عبد الرحمن بن عوف على الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام يوم الشورى ، قال التفتازاني (٢) : «ثم جعلوا الاختيار إلى عبد الرحمن بن عوف ، فأخذ بيد علي رضياللهعنه وقال : تبايعني على كتاب الله وسنة رسول الله وسيرة الشيخين ، فقال : على كتاب
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ١٢٤.
(٢) شرح المقاصد ٥ / ٢٨٨.