يجد في كتاب الله نظر في سنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن وجد فيها ما يقضي به فقضى به ، فإن أعياه ذلك سأل الناس : هل علمتم أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قضى فيه بقضاء؟ فربما قام إليه القوم فيقولون : قضى فيه بكذا وكذا ، فإن لم يجد سنة سنها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جمع رؤساء الناس فاستشارهم ، فإذا اجتمع رأيهم على شئ قضى به» (١).
٢ ـ أخرج مالك وأبو داود وابن ماجة والدارمي وغيرهم : أن جدة جاءت إلى الصديق تسأله ميراثها ، فقال أبو بكر : ما لك في كتاب الله شئ ، وما علمت لك في سنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا ، فارجعي حتى أسأل الناس؟ فسأل الناس ، فقال المغيرة : حضرت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطاها السدس.
فقال أبو بكر : هل معك غيرك؟
فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قاله المغيرة ، فأنفذه لها أبو بكر الصديق (٢).
ولما كان الخليفة لم يطلع على جميع سنة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في جميع المفردات ، وقع في مآزق متعددة ، فإما أن يفتي عن رأيه للمسلمين ، وإما أن ينتظر الصحابة كي يسألهم عما سئل عنه ، وبما أن الثاني يقلل من شأن الخليفة ، ويقيد حريته في اتخاذ ما يريد من آراء ومواقف ، ذهب إلى تشريع الرأي لنفسه وهو معتقد بأن ما يقوله ليس بشرع.
فجاء عن الشعبي أنه قال : سئل أبو بكر عن الكلالة فقال : إني سأقول
__________________
(١) أعلام الموقعين ١ / ٤٢.
(٢) الموطأ ٢ / ٥١٣ ح ٤ ، سنن أبي داود ٣ / ١٢١ ح ٢٨٩٤ ، سنن ابن ماجة ٢ / ٩٠٩ ح ٢٧٢٤ ، سنن الدارمي ٢ / ٣٥٩ بتفاوت يسير.