حضارتهم ، فهم سيتحدثون عن تلك الحضارة بعد فتح رموزها ، وهذا يعني إمكان التحديث عن الكتابة وهو الملاحظ في كتبنا ، فنحن نحدث عن آراء ابن حجر وابن قتيبة والطوسي والمجلسي ، في حين أنا لم نسمع ذلك منهم شفاها ..
وعليه : فلا يستبعد إطلاق التحديث على المكتوب ، ومعناه : أن الخليفة نهى عن التحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عموما ، سواء كان عما سمعوه شفاها ، أو ما قرؤه في كتاب!
وثالثا : إن أبا بكر أحرق مدونته ، ذات الخمسمائة حديث ، وعلل ذلك بأنه غير متيقن من تلك النقولات ، وهذه العلة جارية في جميع مدونات الصحابة ، فيكون أبو بكر ناهيا قطعا عن التدوين إضافة إلى نهيه عن التحديث.
مناقشة تعليق الذهبي على مرسلة ابن أبي مليكة :
علق الذهبي بعد نقله مرسلة ابن أبي مليكة ، بقوله : «إن مراد الصديق التثبت في الأخبار والتحري لا سد باب الرواية ... ولم يقل : حسبنا كتاب الله ، كما تقول الخوارج» (١).
فقوله : «إن مراد الصديق التثبت في الأخبار ، والتحري لا سد باب الرواية» لا يطابق إحراقه لمدونته ـ كما في النص الثاني ـ ، بل إن المنع الشامل للحديث يؤكد عدم إرادة التثبت ، لأن من يريد التثبت يسعى للإصلاح والانتخاب والتصحيح لا الإبادة ، فكان عليه أن يجمع الصحابة
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ١ / ٣.