«علي وصيي ، وخليفتي ، ووارث العلم من بعدي» و «مثل أهل بيتي كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هوى وغرق» و «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» و «إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي» و «علي مع القرآن ، والقرآن مع علي» .. وغيرها؟!
فالقول بأن المنع من التحديث عموما جاء لمحو أدلة الفضائل والإمامة فقط ، وأنهم منعوا الكل خوفا من بقاء الجزء ـ أدلة الإمامة ـ ، وأن اختلافهم كان في هذا الأمر بالخصوص ولا يتعدى إلى غيره ، هو كلام غير دقيق!
لأن الدليل أخص من المدعى ، فالشيخان نهيا نهيا عاما ، بحيث لو كانا يريدان عدم تناقل أحاديث الإمامة والخلافة ، أو ما يوجب الاختلاف بين الأمة في التنصيب والحكومة ، لأمكنهم حينما أوتوا بالمدونات أن يمحوا ما يدل على إمامة علي ويجعلا الباقي في كتاب ثم يعمموه على الأمصار ، مثلما فعل ذلك عمر بن عبد العزيز في أوائل القرن الثاني الهجري بالأحاديث التي جمعها ابن شهاب الزهري ، فإنه أمره بتدوينها وجعلها في دفاتر ، وأرسلها إلى الأمصار وأمرهم بالأخذ بها.
وعليه : فتفسيرهم وتعليلهم بهذا واختصاص العلة بهذا الوجه فقط ، غير صحيح بنظرنا ، ومن أراد المزيد فليراجع كتابنا منع تدوين الحديث.
هذا ، ولا يفوتنا الإشارة إلى أن خلق الأعذار من قبل الخلفاء ، كقول أبي بكر : «والناس بعدكم أشد اختلافا ، فمن سألكم ...» ، وقول عمر : «إني كنت أردت أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا ، فأكبوا عليها ، فتركوا كتاب الله تعالى ، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشئ