ثالثا : صفة التأويل بالأثر :
إذا كان المراد بالتأويل ، هو ما لم يكن مقطوعا به لتردده بين عدة وجوه محتملة ، لأنه «اللفظ الذي يراد به المعنى المرجوح من محتملاته» (١) فإنه لا يمكن أبدا وصف تأويلات التهذيب والاستبصار كلها بهذا التعريف ، لأنها لم تكن ـ في أغلبها ـ سوى تفسيرا للسنة بما صح من السنة الشريفة نفسها.
وبهذا يعود التأويل تفسيرا ، وتنقلب دلالته الظنية إلى القطع ، لكون المقتضي للحمل على المرجوح قطعيا ، ومن غير المعقول أن يكون مقتضي المحمول قطعيا في دلالته ـ كما لو كان من الحديث المتواتر ـ ، ومع هذا يكون المحمول ظنيا!
وهذه الحقيقة بالإمكان تلمسها في أغلب أبواب التهذيب أو الإستبصار ، لأن تراكم المؤيدات الصحيحة الصريحة لكثير من التأويلات ، مع تعدد طرقها إلى أهل البيت عليهمالسلام في كتاب التهذيب نفسه ، وفي خارجه أيضا ، لما تقدم من اعتماد الشيخ طريقة الاختصار ، وهو ما يوحيه لفظ تهذيب الأخبار زيادة على ما أثبتناه في صحة تلك الطريقة ، يعني تواتر تلك المؤيدات.
وعليه : يكون العامل على طبق بعض تأويلات الشيخ ، يكون عاملا في الواقع على طبق الفتوى والأثر (الصحيح أو المتواتر) ، وهذا هو ما أشار إليه الشيخ في ديباجة التهذيب كما أوردناه سابقا.
__________________
(١) مناهج الأخبار في شرح الإستبصار ـ لأحمد بن زين العابدين العلوي ـ ١ / ٤.