أما المقدمة :
ففي بيان ما يدل على أن نسبة ذلك المذهب إليهم إنما نشأ من المخالفين ، تهمة على العلماء المكرمين ، وافتراء على الأئمة المعصومين عليهمالسلام.
وأن نقلهم تلك الأخبار المتضمنة ـ ظاهرا ـ لذلك المذهب في كتبهم ليس لكونهم معتقدين بها ومتدينين بظواهرها ، بل إما لوصولهم إلى محامل وتأويلات صحيحة لها ، أو لتورعهم عن رد خبر منقول عن الأئمة عليهمالسلام بمحض عدم فهم المعنى.
قال الصدوق أبو جعفر بن بابويه رحمهالله في ديباجة كتاب توحيده : إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا ، أني وجدت قوما من المخالفين لنا ينسبون عصابتنا إلى القول بالتشبيه والجبر ، لما وجدوا في كتبهم من الأخبار التي جهلوا تفسيرها ، ولم يعرفوا معانيها ، ووضعوها في غير موضعها ، ولم يقابلوا بألفاظها ألفاظ القرآن ، فقبحوا بذلك عند الجهال صورة مذهبنا ، ولبسوا عليهم طريقتنا ، وصدوا الناس عن دين الله ، وحملوهم على جحود حجج الله ، فتقربت إلى الله تعالى بتصنيف هذا الكتاب في التوحيد ونفي التشبيه والجبر (١).
وقال في مبحث إبطال الرؤية وتأويل آياتها وطلب موسى إياها : وأما الأخبار التي رويت في هذا المعنى ، وأخرجها مشايخنا ـ رضياللهعنهم ـ في مصنفاتهم ، عندي صحيحة ، وإنما تركت إيرادها في هذا الباب خشية
__________________
(١) التوحيد : ١٧.