(يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) (٧)
____________________________________
ما دامت عين منا تطرف فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال أشيروا على أيها الناس وهو يريد الأنصار لأنهم قالوا له حين بايعوه على العقبة إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت فى ذمامنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا فكان النبى صلىاللهعليهوسلم يتخوف أن تكون الأنصار لا ترى عليهم نصرته إلا على عدو دهمه بالمدينة فقام سعد بن معاذ فقال لكأنك تريدنا يا رسول الله قال أجل قال قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فو الذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا وإنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله ففرح رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبسطه قول سعد ثم قال سيروا على بركة الله وأبشروا فإن الله قد وعدنى إحدى الطائفتين والله لكأنى الآن أنظر إلى مصارع القوم. روى أنه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم حين فرغ من بدر عليك بالعير ليس دونها شىء فناداه العباس رضى الله عنه وهو فى وثاقه لا يصلح فقال النبى صلىاللهعليهوسلم لم قال لأن الله وعدك إحدى الطائفتين وقد أعطاك ما وعدك (يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ) الذى هو تلقى النفير لإيثارهم عليه تلقى العير والجملة استئناف أو حال ثانية أى* أخرجك فى حال مجادلتهم إياك ويجوز أن يكون حالا من الضمير فى (لَكارِهُونَ) وقوله تعالى (بَعْدَ ما تَبَيَّنَ) منصوب ب (يُجادِلُونَكَ) وما مصدرية أى بعد تبين الحق لهم بإعلامك أنهم ينصرون أيتما توجهوا ويقولون* ما كان خروجنا إلا للعير وهلا قلت لنا لنستعد ونتأهب وكان ذلك لكراهتهم القتال (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ) الكاف فى محل النصب على الحالية من الضمير فى (لَكارِهُونَ) أى مشبهين بالذين يساقون بالعنف* والصغار إلى القتل (وَهُمْ يَنْظُرُونَ) حال من ضمير (يُساقُونَ) أى والحال أنهم ينظرون إلى أسباب الموت ويشاهدونها عيانا وما كانت هذه المرتبة من الخوف والجزع إلا لقلة عددهم وعدم تأهبهم وكونهم رجالة روى أنه لم يكن فيهم إلا فارسان (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) كلام مستأنف مسوق لبيان جميل صنع الله عزوجل بالمؤمنين مع ما بهم من قلة الحزم ودناءة الهمة وقصور الرأى والخوف والجزع وإذ منصوب على المفعولية بمضمر خوطب به المؤمنون بطريق التلوين والالتفات وإحدى الطائفتين مفعول ثان ليعدكم أى اذكروا وقت وعد الله إياكم إحدى الطائفتين وتذكير الوقت مع أن المقصود تذكير ما فيه من الحوادث لما مر مرارا من المبالغة فى إيجاب ذكرها لما أن إيجاب ذكر الوقت إيجاب لذكر ما وقع فيه بالطريق البرهانى ولأن الوقت مشتمل على ما وقع فيه من الحوادث بتفاصيلها فإذا استحضر كان ما وقع فيه حاضرا مفصلا كأنه مشاهد عيانا وقرىء يعدكم بسكون الدال تخفيفا وصيغة المضارع لحكاية الحال