(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠) قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) (٥١)
____________________________________
الرؤيا بما أول وأمرهم بالتدبير اللائق فى شأنه إبانة لعلو كعبه ورسوخ قدمه فى الفضل وأنه محيط بما لم يخطر ببال أحد فضلا عما يرى صورته فى المنام على نحو قوله لصاحبيه عند استفتائهما فى منامهما لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله وإتماما للنعمة عليهم حيث لم يشاركه عليهالسلام فى العلم بوقوعها أحد ولو برؤية ما يدل عليها فى المنام (وَقالَ الْمَلِكُ) بعد ما جاءه السفير بالتعبير وسمع منه ما سمع من نقير وقطمير* (ائْتُونِي بِهِ) لما علم من علمه وفضله (فَلَمَّا جاءَهُ) أى يوسف (الرَّسُولُ) واستدعاه إلى الملك (قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) أى سيدك (فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ) أى ففتشه عن شأنهن وإنما لم يقل فاسأله أن يفتش عن ذلك حثا للملك على الجد فى التفتيش ليتبين براءته ويتضح نزاهته إذ السؤال مما يهيج الإنسان على الاهتمام فى البحث للتفصى عما توجه إليه وأما الطلب فمما قد يتسامح ويتساهل فيه ولا يبالى به وإنما لم يتعرض لامرأة العزيز مع مالقى منها مالقى من مقاساة الأحزان ومعاناة الأشجان والأحزان محافظة على مواجب الحقوق واحترازا عن مكرها حيث اعتقدها مقيمة فى عدوة العداوة وأما النسوة فقد كان يطمع فى صدعهن بالحق وشهادتهن بإقرارها بأنها راودته عن نفسه فاستعصم ولذلك اقتصر على وصفهن بتقطيع الأيدى ولم يصرح بمراودتهن له وقولهن أطع مولاتك واكتفى بالإيماء إلى ذلك بقوله* (إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) مجاملة معهن واحترازا عن سوء قالتهن عند الملك وانتصابهن للخصومة مدافعة عن أنفسهن متى سمعن بنسبته لهن إلى الفساد (قالَ) استئناف مبنى على السؤال كأنه قيل فماذا كان بعد ذلك* فقيل قال الملك إثر ما بلغه الرسول الخبر وأحضرهن (ما خَطْبُكُنَّ) أى شأنكن وهو الأمر الذى يحق* لعظمه أن يخاطب المرء فيه صاحبه (إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ) وخادعتنه (عَنْ نَفْسِهِ) ورغبتنه فى إطاعة مولاته* هل وجدتن فيه شيئا من سوء وريبة (قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ) تنزيها له وتعجبا من نزاهته وعفته (ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ) بالغن فى نفى جنس السوء عنه بالتنكير وزيادة من (قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ) وكانت حاضرة فى المجلس وقيل أقبلت النسوة عليها يقررنها وقيل خافت أن يشهدن عليها بما قالت لهن ولقد راودته عن* نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين فأقرت قائلة (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ) أى ثبت واستقر أو تبين وظهر بعد خفاء قاله الخليل وقيل هو مأخوذ من الحصة وهى القطعة من الجملة أى تبين حصة الحق من حصة الباطل كما تتبين حصص الأراضى وغيرها وقيل بان وظهر من حص شعره إذا استأصله بحيث ظهرت بشرة رأسه وقرىء على البناء للمفعول من حصحص البعير مباركه أى ألقاها فى