(وَما لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٤) وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٥) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (٣٦)
____________________________________
اغفر أو فرضه على معنى لو استغفروا لم يعذبوا كقوله تعالى (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) بيان لاستحقاقهم العذاب بعد بيان أن المانع ليس من قبلهم أى* وما لهم مما يمنع تعذيبهم متى زال ذلك وكيف لا يعذبون (وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أى وحالهم* ذلك ومن صدهم عند إلجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الهجرة وإحصارهم عام الحديبية (وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) حال من ضمير يصدون مفيدة لكمال قبح ما صنعوا من الصد فإن مباشرتهم للصد عنه مع عدم استحقاقهم لولاية أمره فى غاية القبح وهو رد لما كانوا يقولون نحن ولاة البيت والحرم فنصد من نشاء وندخل من نشاء* (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) من الشرك الذين لا يعبدون فيه غيره تعالى (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أنه لا ولاية لهم عليه وفيه إشعارا بأن منهم من يعلم ذلك ولكنه يعاند وقيل أريد بأكثرهم كلهم كما يراد بالقلة العدم (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ) أى دعاؤهم أو ما يسمونه صلاة أو ما يضعون موضعها (إِلَّا مُكاءً) * أى صفيرا فعال من مكايمكو إذا صفر وقرىء بالقصر كالبكى (وَتَصْدِيَةً) أى تصفيقا تفعلة من الصدى أو من الصد على إبدال أحد حرفى التضعيف بالياء وقرىء صلاتهم بالنصب على أنه الخبر لكان ومساق الكلام لتقرير استحقاقهم العذاب أو عدم ولايتهم للمسجد فإنها لا تليق بمن هذه صلاته. روى أنهم كانوا يطوفون عراة الرجال والنساء مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون وقيل كانوا يفعلون* ذلك إذا أراد النبى صلىاللهعليهوسلم أن يصلى يخلطون عليه ويرون أنهم يصلون أيضا (فَذُوقُوا الْعَذابَ) أى القتل* والأسر يوم بدر وقيل عذاب الآخرة واللام يحتمل أن تكون للعهد والمعهود ائتنا بعذاب أليم (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) اعتقادا وعملا (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) نزلت فى المطعمين يوم بدر وكانوا اثنى عشر رجلا من قريش يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جزر أو فى أبى سفيان استأجر ليوم أحد ألفين سوى من استجاش من العرب وأنفق فيهم أربعين أوقية أو فى أصحاب العير فإنه لما أصيب قريش يوم بدر قيل لهم أعينوا بهذا المال على حرب محمد لعلنا ندرك ثأرنا منه ففعلوا* والمراد بسبيل الله دينه واتباع رسوله (فَسَيُنْفِقُونَها) بتمامها ولعل الأول إخبار عن إنفاقهم فى تلك الحال وهو إنفاق يوم بدر والثانى إخبار عن إنفاقهم فيما يستقبل وهو إنفاق يوم أحد ويحتمل أن يراد بهما* واحد على أن مساق الأول لبيان الغرض من الإنفاق ومساق الثانى لبيان عاقبته وأنه لم يقع بعد (ثُمَ