(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) (٧٣)
____________________________________
الرتبة وإظهار الأمر فى موقع الإضمار لزيادة تقرير يقتضيها مقام الأمر بالإظهار الذى يستلزمه النهى عن التستر والإسرار وقيل المراد بأمرهم ما يعتريهم من جهته صلىاللهعليهوسلم من الحال الشديدة عليهم المكروهة لديهم والغمة والغم كالكربة والكرب وثم للتراخى الزمانى والمعنى لا يكن حالكم عليكم غمة وتخلصوا بإهلاكى من ثقل مقامى وتذكيرى ولا يخفى أنه لا يساعده قوله عزوجل (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) أى أدوا إلى أى أحكموا ذلك الأمر الذى تريدون بى ولا تمهلونى كقوله تعالى (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ) أو أدوا إلى ما هو حق عليكم عندكم من إهلاكى كما يقضى الرجل غريمه فإن توسيط ما يحصل بعد الإهلاك بين الأمر بالعزم على مباديه وبين الأمر بقضائه من قبيل الفصل بين الشجر ولحائه وقرىء أفضوا بالفاء أى انتهوا إلى بشركم أو ابرزوا إلى من أفضى إذا خرج إلى الفضاء (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) الفاء لترتيب التولى على ما سبق فالمراد به إما الاستمرار عليه وإما إحداث التولى المخصوص أى إن أعرضتم عن نصيحتى وتذكيرى إثر ما شاهدتم منى من مخايل صحة ما أقول ودلائلها التى من جملتها دعوتى إياكم جميعا إلى تحقيق ما تريدون بى من السوء غير مبال بكم وبما يأتى منكم وإحجامكم من الإجابة علما منكم بأنى على الحق المبين مؤيد من عند الله العزيز (فَما سَأَلْتُكُمْ) بمقابلة وعظى وتذكيرى (مِنْ أَجْرٍ) تؤدونه إلى حتى يؤدى ذلك إلى توليكم* إما لاتهامكم إياى بالطمع والسؤال وإما لثقل دفع المسئول عليكم أو حتى يضرنى توليكم المؤدى إلى الحرمان فالأول لإظهار بطلان التولى ببيان عدم ما يصححه والثانى لإظهار عدم مبالاته صلىاللهعليهوسلم بوجوده وعدمه وعلى التقديرين فالفاء الجزائية لسببية الشرط لإعلام مضمون الجزاء لا لنفسه والمعنى إن توليتم فاعلموا أن ليس فى مصحح له ولا تأثر منه وقوله عزوجل (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) ينتظم المعنيين جميعا* خلا أنه على الأول تأكيد وعلى الثانى تعليل لاستغنائه صلىاللهعليهوسلم عنهم أى ما ثوابى على العظة والتذكير إلا عليه تعالى يثيبنى به آمنتم أو توليتم (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) المنقادين لحكمه لا أخالف أمره* ولا أرجو غيره أو المستسلمين لكل ما يصيب من البلاء فى طاعة الله تعالى (فَكَذَّبُوهُ) فأصروا على ما هم عليه من التكذيب بعد ما ألزمهم الحجة وبين لهم المحجة وحقق أو توليهم ليس له سبب غير التمرد والعناد فلا جرم حقت عليهم كلمة العذاب (فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) من المسلمين وكانوا ثمانين (وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ) من الهالكين (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) أى بالطوفان وتأخير ذكره عن ذكر الإنجاء* والاستخلاف حسبما وقع فى قوله عز وعلا (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) وغير ذلك من الآيات الكريمة لإظهار كمال العناية بشأن المقدم ولتعجيل المسرة للسامعين وللإيذان بسبق الرحمة التى هى من مقتضيات الربوبية على الغضب الذى هو من مستتبعات