(لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) (١٠٨)
____________________________________
للمؤمنين. روى أن بنى عمرو بن عوف لما بنوا مسجد قباء بعثوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يأتيهم فيصلى بهم فى مسجدهم فلما فعله صلىاللهعليهوسلم حسدتهم إخواتهم بنو اغنم بن عوف وقالوا نبنى مسجدا ونرسل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلى فيه ويصلى فيه أبو عامر الراهب أيضا إذا قدم من الشام وهو الذى سماه رسول الله صلىاللهعليهوسلم الفاسق وقد كان قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أحد لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك معهم فلم يزل يفعل ذلك إلى يوم حنين فلما انهزمت هوازن يومئذ ولى هاربا إلى الشام وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح فإنى ذاهب إلى قيصر وآت بجنود ومخرج محمدا وأصحابه من المدينة فبنوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء وقالوا للنبى صلىاللهعليهوسلم بنينا مسجدا لذى العلة والحاجة والليلة المطيرة والشاتية ونحن نحب أن تصلى لنا فيه وتدعو لنا بالبركة فقال صلىاللهعليهوسلم إنى على جناح سفر وحال شغل وإذا قدمنا إن شاء الله تعالى صلينا فيه فلما قفل صلىاللهعليهوسلم من غزوة تبوك سألوه إتيان المسجد فنزلت عليه فدعا بمالك بن الدخشم ومعن بن عدى وعامر بن السكن ووحشى فقال لهم انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه ففعلوا* وأمر أن يتخذ مكانه كناسة تلقى فيها الجيف والقمامة وهلك أبو عامر الفاسق بالشام بقنسرين (وَكُفْراً) * تقوية للكفر الذى يضمرونه (وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ) الذين كانوا يصلون فى مسجد قباء مجتمعين فيغص بهم* فأرادوا أن يتفرقوا وتختلف كلمتهم (وَإِرْصاداً) إعدادا وانتظارا وترقبا (لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ) * وهو الراهب الفاسق أى لأجله حتى يجىء فيصلى فيه ويظهر على رسول الله صلىاللهعليهوسلم (مِنْ قَبْلُ) متعلق باتخذوا أى اتخذوه من قبل أن ينافقوا بالتخلف حيث كانوا بنوه قبل غزوة تبوك أو يحارب أى حاربهما* قبل اتخاذ هذا المسجد (وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا) أى ما أردنا ببناء هذا المسجد (إِلَّا الْحُسْنى) إلا الخصلة الحسنى* وهى الصلاة وذكر الله والتوسعة على المصلين أو إلا الإرادة الحسنى (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فى حلفهم ذلك (لا تَقُمْ) للصلاة (فِيهِ) فى ذلك المسجد حسبما دعوك إليه (أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ) أى بنى أصله* (عَلَى التَّقْوى) يعنى مسجد قباء أسسه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصلى فيه أيام مقامه بقباء وهى يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وخرج يوم الجمعة وقيل هو مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمدينة وعن أبى سعيد رضى الله عنه سألت النبى صلىاللهعليهوسلم عن المسجد الذى أسس على التقوى فأخذ حصباء فضرب بها الأرض وقال مسجدكم هذا مسجد المدينة واللام إما للابتداء أو للقسم المحذوف أى والله لمسجد وعلى التقديرين* فمسجد مبتدأ وما بعده صفته وقوله تعالى (مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) أى من أيام تأسيسه متعلق بأسس وقوله تعالى* (أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) أى للصلاة وذكر الله تعالى خبره وقوله تعالى (فِيهِ رِجالٌ) جملة مستأنفة مبينة لأحقيته لقيامه صلىاللهعليهوسلم فيه من جهة الحال بعد بيان أحقيته له من حيث المحل أو صفة أخرى للمبتدأ أو حال من الضمير فى فيه وعلى كل حال ففيه تحقيق وتقرير لاستحقاقه القيام فيه والمراد بكونه أحق نفس