(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٢٩) وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً (١٣٠) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيداً) (١٣١)
____________________________________
يصلح ذلك فهو أحب إلى فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكر له ذلك فنزلت (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ) أى محال أن تقدروا على أن تعدلوا بينهن بحيث لا يقع ميل ما إلى جانب إحداهن فى شأن من الشئون البتة وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول اللهم هذا قسمى فيما أملك فلا تؤاخذنى فيما تملك ولا أملك وفى رواية وأنت أعلم بما لا أملك يعنى فرط محبته لعائشة رضى الله عنها (وَلَوْ حَرَصْتُمْ) أى على إقامة العدل وبالغتم فى ذلك (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) أى فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور واعدلوا ما استطعتم فإن عجزكم عن حقيقة العدل إنما يصحح عدم تكليفكم بها لا بما دونها من المراتب الداخلة تحت استطاعتكم (فَتَذَرُوها) أى التى ملتم عنها (كَالْمُعَلَّقَةِ) التى ليست ذات بعل أو مطلقة وقرىء كالمسجونة وفى الحديث من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل (وَإِنْ تُصْلِحُوا) ما كنتم تفسدون من أمورهن (وَتَتَّقُوا) الميل فيما يستقبل (فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً) يغفر لكم ما فرط منكم من الميل (رَحِيماً) يتفضل عليكم برحمته (وَإِنْ يَتَفَرَّقا) وقرىء يتفارقا أى وإن يفارق كل منهما صاحبه بأن لم يتفق بينهما وفاق بوجه ما من الصلح وغيره (يُغْنِ اللهُ كُلًّا) منهما أى يجعله مستغنيا عن الآخر ويكفه مهماته (مِنْ سَعَتِهِ) من غناه وقدرته وفيه زجر لهما عن المفارقة رغما لصاحبه (وَكانَ اللهُ واسِعاً حَكِيماً) مقتدرا متقنا فى أفعاله وأحكامه وقوله تعالى (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أى من الموجودات كائنا ما كان من الخلاتق وأرزاقهم وغير ذلك جملة مستأنفة منبهة على كمال سعته وعظم قدرته (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أى أمرناهم فى كتابهم وهم اليهود والنصارى ومن قبلهم من الأمم واللام فى الكتاب للجنس ومن متعلقة بوصينا أو بأوتوا (وَإِيَّاكُمْ) عطف على الموصول (أَنِ اتَّقُوا اللهَ) أى وصينا كلا منكم ومنهم بأن اتقوا الله على أن أن مصدرية حذف عنها الجار ويجوز أن تكون مفسرة لأن التوصية فى معنى القول فقوله تعالى (وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) حينئذ من تتمة القول المحكى أى ولقد قلنا لهم ولكم (اتَّقُوا اللهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا) إلى آخر الآية وعلى تقدير كون أن مصدرية مبنى الكلام إرادة القول أى أمرناهم وإياكم بالتقوى وقلنا لهم ولكم (إِنْ تَكْفُرُوا) الآية وقيل هى جملة مستأنفة خوطب بها هذه الأمة وأيماما كان فالمترتب على كفرهم ليس مضمون قوله تعالى (فَإِنَّ لِلَّهِ) الآية بل هو الأمر بعلمه كأنه قيل وإن تكفروا فاعلموا أن لله ما فى السموات وما فى الأرض