(سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) (٩١)
____________________________________
خروجه من مكة قد وادع هلال بن عويمر الأسلمى على أنه لا يعينه ولا يعين عليه وعلى أن من وصل إلى هلال ولجأ إليه فله من الجوار مثل الذى لهلال وقيل هم بنو بكر بن زيد مناة وقيل هم خزاعة (أَوْ جاؤُكُمْ) عطف على الصلة أى أو الذين جاءوكم كافين عن قتالكم وقتال قومهم استثنى من المأمور بأخذهم وقتلهم فريقان أحدهما من ترك المحاربين ولحق بالمعاهدين والآخر من أتى المؤمنين وكف عن قتال الفريقين أو على صفة قوم كأنه قيل إلا الذين يصلون إلى قوم معاهدين أو إلى قوم كافين عن القتال لكم والقتال عليكم والأول هو الأظهر لما سيأتى من قوله تعالى (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) الخ فإنه صريح فى أن كفهم عن القتال أحد سببى استحقاقهم لنفى التعرض لهم وقرىء جاءوكم بغير عاطف على أنه صفة بعد صفة أو بيان ليصلون أو استئناف (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) حال بإضمار قد بدليل أنه قرىء حصرة صدورهم وحصرات صدورهم وحاصرات صدورهم وقيل صفة لموصوف محذوف هو حال من فاعل جاءوا أى أو جاءوكم قوما حصرت صدورهم وقيل هو بيان لجاءوكم وهم بنو مدلج جاءوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم غير مقاتلين والحصر الضيق والانقباض (أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ) أى من أن يقاتلوكم أو لأن يقاتلوكم أو كراهة أن يقاتلوكم الخ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ) جملة مبتدأة جارية مجرى التعليل لاستثناء الطائفة الأخيرة من حكم الأخذ والقتل ونظمهم فى سلك الطائفة الأولى الجارية مجرى المعاهدين مع عدم تعلقهم بنا ولا بمن عاهدونا كالطائفة الأولى أى ولو شاء الله لسلطهم عليكم ببسط صدورهم وتقوية قلوبهم وإزالة الرعب عنها (فَلَقاتَلُوكُمْ) عقيب ذلك ولم يكفوا عنكم واللام جواب لو على التكرير أو الإبدال من الأولى وقرىء فلقتلوكم بالتخفيف والتشديد (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) ولم يتعرضوا لكم (فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ) مع ما علمتم من تمكنهم من ذلك بمشيئة الله عزوجل (وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) أى الانقياد والاستسلام وقرىء بسكون اللام (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) طريقا بالأسر أو بالقتل فإن مكافتهم عن قتالكم وأن يقاتلوا قومهم أيضا وإلقاءهم إليكم السلم وإن لم يعاهدوكم كافية فى استحقاقهم لعدم تعرضكم لهم (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) هم قوم من أسد وغطفان كانوا إذا أتوا المدينة أسلموا وعاهدوا ليأمنوا المسلمين فإذا رجعوا إلى قومهم كفروا ونكشوا عهودهم ليأمنوا قومهم وقيل هم بنو عبد الدار وكان ديدنهم ما ذكر (كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ) أى دعوا إلى الكفر وقتال المسلمين (أُرْكِسُوا فِيها) قلبوا فيها أقبح قلب وأشنعه وكانوا فيها شرا من كل عدو شرير (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) بالكف عن التعرض لكم بوجه ما (وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) أى لم يلقوا إليكم الصلح والعهد بل نبذوه إليكم (وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ) أى لم يكفوها عن قتالكم (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) أى تمكنتم منهم (وَأُولئِكُمْ) الموصوفون بما عدد من