(وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (٦٦) وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (٦٧) وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (٦٨) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (٦٩)
____________________________________
رضى الله عنهم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم والذى نفسى بيده إن من أمتى رجالا الإيمان أثبت فى قلوبهم من الجبال الرواسى فنزلت فى شأن هؤلاء (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ) أى لو أوجبنا عليهم مثل ما أوجبنا على بنى إسرائيل من قتلهم أنفسهم أو خروجهم من ديارهم حين استتابتهم من عبادة العجل وأن مصدرية أو مفسرة لأن كتبنا فى معنى أمرنا (ما فَعَلُوهُ) أى المكتوب المدلول عليه بكتبنا أو أحد مصدرى الفعلين (إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) أى إلا أناس قليل منهم وهم المخلصون من المؤمنين وروى عن عمر رضى الله عنه أنه قال والله لو أمرنا ربنا لفعلنا والحمد لله الذي لم يفعل بنا ذلك وقيل معنى اقتلوا أنفسكم تعرضوا بها للقتل بالجهاد وهو بعيد وقرىء إلا قليلا بالنصب على الاستثناء أو إلا فعلا قليلا (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ) من متابعة الرسول صلىاللهعليهوسلم وطاعته والانقياد لما يراه ويحكم به ظاهرا وباطنا وسميت أوامر الله تعالى ونواهيه مواعظ لاقترانهما بالوعد والوعيد (لَكانَ) أى فعلهم ذلك (خَيْراً لَهُمْ) عاجلا وآجلا (وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) لهم على الإيمان وأبعد من الاضطراب فيه وأشد تثبيتا لثواب أعمالهم (وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً) جواب لسؤال مقدر كأنه قيل وماذا يكون لهم بعد التثبيت فقيل وإذن لو ثبتوا لآتيناهم فإن إذن جواب وجزاء (وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) يصلون بسلوكه إلى عالم القدس ويفتح لهم أبواب الغيب قال صلىاللهعليهوسلم من عمل بما علم ورثه الله تعالى علم ما لم يعلم (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ) كلام مستأنف فيه فضل ترغيب فى الطاعة ومزيد تشويق إليها ببيان أن نتيجتها أقصى ما ينتهى إليه همم الأمم وأرفع ما يمتد إليه أعناق عزائمهم من مجاورة أعظم الخلائق مقدارا وأرفعهم منارا متضمن لتفسير ما أبهم فى جواب الشرطية السابقة وتفصيل ما أجمل فيه والمراد بالطاعة هو الانقياد التام والامتثال الكامل لجميع الأوامر والنواهى (فَأُولئِكَ) إشارة إلى المطيعين والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد فى فعل الشرط باعتبار لفظها وما فيه من معنى البعد مع القرب فى الذكر للإيذان بعلو درجتهم وبعد منزلتهم فى الشرف وهو مبتدأ خبره (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) والجملة جواب الشرط وترك ذكر المنعم به للإشعار بقصور العبارة عن تفصيله وبيانه (مِنَ النَّبِيِّينَ) بيان للمنعم عليهم والتعرض لمعية سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أن الكلام فى بيان حكم طاعة نبينا صلىاللهعليهوسلم لجريان ذكرهم فى