(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ)(٢٤)
____________________________________
اعتماد ولا إلى تقدير يشهدون أى ادعوا شهداءكم الذين يشهدون لكم بين يدى الله تعالى ليعينوكم فى المعارضة وإيرادها بهذا العنوان لما مر من الإشعار بمناط الاستعانة بها ووجه الالتفات تربية المهابة وترشيح ذلك المعنى فإن ما يقوم بهذا الأمر فى ذلك المقام الخطير حقه أن يستعان به فى كل مرام وفى أمرهم على الوجهين بأن يستظهروا فى معارضة القرآن الذى أخرس كل منطيق بالجماد من التهكم بهم ما لا يوصف وكلمة من ههنا تبعيضية لما أنهم يقولون جلس بين يديه وخلفه بمعنى فى لأنهما ظرفان للفعل ومن بين يديه ومن خلفه لأن الفعل إنما يقع فى بعض تينك الجهتين كما تقول جئته من الليل تريد بعض الليل وقد يقال كلمة من الداخلة على دون فى جميع المواقع بمعنى فى كما فى سائر الظروف التى لا تتصرف وتكون منصوبة على الظرفية أبدا ولا تنجر إلا بمن خاصة وقيل المراد بالشهداء مداره القوم ووجوه المحافل والمحاضر ودون ظرف مستقر ومن ابتدائية أى ادعوا الذين يشهدون لكم أن ما أتيتم به مثله متجاوزين فى ذلك أولياء الله ومحصله شهداء مغايرين لهم إيذانا بأنهم أيضا لا يشهدون بذلك وإنما قدر المضاف إلى الله تعالى رعاية للمقابلة فإن أولياء الله تعالى يقابلون أولياء الأصنام كما أن ذكر الله تعالى يقابل ذكر الأصنام والمقصود بهذا الأمر إرخاء العنان والاستدراج إلى غاية التبكيت كأنه قيل تركنا إلزامكم بشهداء لا ميل لهم إلى أحد الجانبين كما هو المعتاد واكتفينا بشهدائكم المعروفين بالذب عنكم فإنهم أيضا لا يشهدون لكم حذرا من اللائمة وأنفة من الشهادة البينة البطلان كيف لا وأمر الإعجاز قد بلغ من الظهور إلى حيث لم يبق إلى إنكاره سبيل قطعا وفيه ما مر من عدم الملاءمة لابتداء التحدى وعدم تناوله لأولئك الشهداء وإيهام أنهم تعرضوا للمعارضة وأتوا بشىء احتاجوا فى إثبات مثليته للمتحدى به إلى الشهادة وشتان بينهم وبين ذلك (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أى فى زعمكم أنه من كلامه عليهالسلام وهو شرط حذف جوابه لدلالة ما سبق عليه أى إن كنتم صادقين فأتوا بسورة من مثله الخ واستلزام المقدم للتالى من حيث أن صدقهم فى ذلك الزعم يستدعى قدرتهم على الإتيان بمثله بقضية مشاركتهم له عليهالسلام فى البشرية والعربية مع ما بهم من طول الممارسة للخطب والأشعار وكثرة المزوالة لأساليب النظم والنثر والمبالغة فى حفظ الوقائع والأيام لا سيما عند المظاهرة والتعاون ولا ريب فى أن القدرة على الشىء من موجبات الإتيان به ودواعى الأمر به (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) أى ما أمرتم به من الإتيان بالمثل بعد ما بذلتم فى السعى غاية المجهود وجاوزتم فى الجد كل حد معهود متشبثين بالذيول راكبين متن كل صعب وذلول وإنما لم يصرح به إيذانا بعدم الحاجة إليه بناء على كمال ظهور تهالكهم على ذلك وإنما أورد فى حين الشرط مطلق الفعل وجعل مصدر الفعل المأمور به مفعولا له للإيجاز البديع المغنى عن التطويل والتكرير مع سرسرى استقل به المقام وهو الإيذان بأن المقصود بالتكليف هو إيقاع نفس الفعل المأمور به لإظهار عجزهم عنه لا لتحصيل المفعول أى المأتى به ضرورة استحالته وأن مناط الجواب فى الشرطية أعنى الأمر باتقاء النار هو عجزهم عن إيقاعه لا فوت حصول المفعول فإن مدلول لفظ