(فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)(٢٤٩)
____________________________________
هى رضاض الألواح وعصا موسى وثيابه وشىء من التوراة وكان قد رفعه الله تعالى بعد وفاة موسى عليهالسلام وآلهما أبناؤهما أو أنفسهما والآل مقحم لتفخيم شأنهما أو أنبياء بنى إسرائيل (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) حال من التابوت أى إن آية ملكه إتيانه حال كونه محمولا للملائكة وقد مر كيفية ذلك ولعل حمل الملائكة على الرواية الأخيرة عبارة عن سوقهم للثورين الحاملين له (إِنَّ فِي ذلِكَ) إشارة إلى ما ذكر من شأن التابوت فهو من تمام كلام النبى عليهالسلام لقومه أو إلى نقل القصة وحكايتها فهو ابتداء كلام من جهة الله تعالى جىء به قبل تمام القصة إظهارا لكمال العناية به وإفراد حرف الخطاب مع تعدد المخاطبين على التقديرين بتأويل الفريق أو غيره كما سلف (لَآيَةً) عظيمة (لَكُمْ) دالة على ملك طالوت أو على نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم حيث أخبر بهذه التفاصيل على ما هى عليه من غير سماع من البشر (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أى مصدقين بتمليكه عليكم أو بشىء من الآيات وإن شرطية والجواب محذوف ثقة بما قبله وقيل هى بمعنى إذ (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ) أى انفصل بهم عن بيت المقدس والأصل فصل نفسه ولما اتحد فاعله ومفعوله شاع استعماله محذوف المفعول حتى نزل منزلة القاصر كانفصل وقيل فصل فصولا وقد جوز كونه أصلا برأسه ممتازا من المتعدى بمصدره كوقف وقوفا ووقفه وقفا وكصد صدودا وصده صدا ورجع رجوعا ورجعه رجعا والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا من طالوت أى ملتبسا بهم ومصاحبا لهم روى أنه قال لقومه لا يخرج معى رجل بنى بناء لم يفرغ منه ولا تاجر مشتغل بالتجارة ولا متزوج بامرأة لم يبن عليها ولا أبتغى إلا الشاب النشيط الفارغ فاجتمع إليه ممن اختاره ثمانون ألفا وكان الوقت قيظا وسلكوا مفازة فسألوا أن يجرى الله تعالى لهم نهرا فبعد ما ظهر له ما تعلقت به مشيئته تعالى من جهة النبى عليهالسلام أو بطريق الوحى عند من يقول بنبوته (قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) بفتح الهاء وقرىء بسكونها (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ) أى ابتدأ شربه من النهر بأن كرع لأنه الشرب منه حقيقة (فَلَيْسَ مِنِّي) أى من جملتى وأشياعى المؤمنين وقيل ليس بمتصل بى ومتحد معى من قولهم فلان منى كأنه بعضه لكمال اختلاطهما (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) أى لم يذقه من طعم الشىء إذا ذاقه مأكولا كان أو مشروبا أو غيرهما قال[وإن شئت حرمت النساء سواكم وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا] أى نوما (فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) استثناء من قوله تعالى (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي) وإنما أخر عن الجملة الثانية لإبراز كمال العناية بها ومعناه الرخصة فى اغتراف الغرفة باليد دون الكروع والغرفة ما يغرف وقرىء بفتح الغين على أنها مصدر والباء متعلقة باغترف أو بمحذوف وقع صفة لغرفة أى غرفة كائنة بيده يروى أن الغرفة كانت