(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ) (١٦٦)
____________________________________
المؤمنون فالمعنى حبا كائنا كحب المؤمنين له تعالى فلا بد من اعتبار المشابهة بينهما فى أصل الحب لا فى وصفه كما أو كيفا لما سيأتى من التفاوت البين وقيل هو مصدر من المبنى للمفعول أى كما يحب الله تعالى ويعظم وإنما استغنى عن ذكر من يحبه لأنه غير ملبس وأنت خبير بأنه لا مشابهة بين محبيتهم لأندادهم وبين محبوبيته تعالى فالمصير حينئذ ما أسلفناه فى تفسير قوله عز قائلا (كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) وإظهار الاسم الجليل فى مقام الإضمار لتربية المهابة وتفخيم المضاف وإبانة كمال قبح ما ارتكبوه (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) جملة مبتدأة جىء بها توطئة لما يعقبها من بيان رخاوة حبهم وكونه حسرة عليهم والمفضل عليه محذوف أى المؤمنون أشد حبا له تعالى منهم لأندادهم ومآله أن حب أولئك له تعالى أشد من حب هؤلاء لأندادهم فيه من الدلالة على كون الحب مصدرا من المبنى للفاعل ما لا يخفى وإنما لم يجعل المفضل عليه حبهم لله تعالى لما أن المقصود بيان انقطاعه وانقلابه بغضا وذلك إنما يتصور فى حبهم لأندادهم لكونه منوطا بمبان فاسدة ومباد موهومة يزول بزوالها. قيل ولذلك كانوا يعدلون عنها عند الشدائد إلى الله سبحانه وكانوا يعبدون صنما أياما فإذا وجدوا آخر رفضوه إليه وقد أكلت باهلة إلهها عام المجاعة وكان من حيس وأنت خبير بأن مدار ذلك اعتبار اختلال حبهم لها فى الدنيا وليس الكلام فيه بل فى انقطاعه فى الآخرة عند ظهور حقيقة الحال ومعاينة الأهوال كما سيأتى بل اعتباره مخل بما يقتضيه مقام المبالغة فى بيان كمال قبح ما ارتكبوه وغاية عظم ما اقترفوه وإيثار الإظهار فى موضع الإضمار لتفخيم الحب والإشعار بعلته (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) أى باتخاذ الأنداد ووضعها موضع المعبود (إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ) المعد لهم يوم القيامة أى لو علموا إذا عاينوه وإنما أوثر صيغة المستقبل لجريانها مجرى الماضى فى الدلالة على التحقق فى إخبار علام الغيوب (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) ساد مسد مفعولى يرى (وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) عطف عليه وفائدته المبالغة فى تهويل الخطب وتفظيع الأمر فإن اختصاص القوة به تعالى لا يوجب شدة العذاب لجواز تركه عفوا مع القدرة عليه وجواب لو محذوف للإيذان بخروجه عن دائرة البيان إما لعدم الإحاطة بكنهه وإما لضيق العبارة عنه وإما لإيحاب ذكره ما لا يستطيعه المعبر أو المستمع من الضجر والتفجع عليه أى لو علموا إذ رأوا العذاب قد حل بهم ولم ينقذهم منه أحد من أندادهم أن القوة لله جميعا ولا دخل لأحد فى شىء أصلا لوقعوا من الحسرة والندم فيما لا يكاد يوصف وقرىء ولو ترى بالتاء الفوقانية على أن الخطاب للرسول صلىاللهعليهوسلم أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب فالجواب حينئذ لرأيت أمرا لا يوصف من الهول والفظاعة وقرىء إذ يرون على البناء للمفعول (وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) على الاستئناف وإضمار القول (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا) بدل من إذ يرون أى إذ تبرأ الرؤساء (مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا) من الاتباع بأن اعترفوا ببطلان ما كانوا يدعونه فى الدنيا ويدعونهم إليه من فنون الكفر والضلال واعتزلوا عن مخالطتهم وقابلوهم باللعن كقول إبليس إنى كفرت بما أشركتمونى من قبل وقرىء بالعكس أى تبرأ الأتباع من الرؤساء والواو فى قوله عزوجل (وَرَأَوُا