وناطحوا الأمم وكافحوا البهم) انظر إليهم والحزن ملء جوانحي مجزّرين صرعى في وديان الظلمات كأنهم لم يشربوا من عذب فرات ماء رويا ولم يذوقوا من فيض أنوار عسلا نقيا.
بلى والله قد عاشوا في ظل مدرسة حق لا ريب فيها لم يشهد لها الكون من نظير ، أعواما تسطع عليهم أنوار الملكوت ، وتنشر في ربوعهم كنوز اللاهوت. فتركتهم في مواطن قتلهم أشلاء تمزقهم الذئبان يأتون يوم القيامة تحت راية إمامهم قائد المنقلبين على الأعقاب ، فرحت أتابع السير مع الأجيال ، وهم يتلوا بعضهم بعضا انظر الى الرايات كأنها السيل المنحدر تساق الى منازل كدحها ومحافل وجدها ، كل منها يظن وقفة الكون اجلالا لهيبته وتكريما لبريق رايته وأنا أنظر الى تهافت المضطهدين تحت أقدام الجائرين أنينهم جرم وصراخهم كفر وارتداد ، واشاهد تكسّر أضلاع البؤساء والمحرومين كيف تهمل في سلة من النسيان وتكون وهما حتى في محافل الأديان الا عند عباد الله المخلصين ، فكم قد راح يسبح المترفون في بحر من دماء ودموع اليتامى والمساكين؟! حتى مرّ على هذا المشهد الرهيب أعوام بات الصمت يخرس حناجر البلغاء الصادقين وفخر التأريخ لأنه يكتب تحت ظلال سيوف الجبارين والماكرين ، وتسلّق في هذه الاعوام الذئبان الأعواد باسم سيد المرسلينصلىاللهعليهوآله وأخذ يتسابق الشعراء لمدح قادة المنافقين والعلماء يوجهون أفعال الشياطين ، والخطباء يخطبون طمعا لما في أيدي الولاة الظالمين.
وقد شاهدت في هذا المطاف أمرا عجبا كيف أصبح الطليق أميرا للمؤمنين والطريد وزيرا للخلفاء الراشدين والمتخلف عن نداء الحق مثالا للصديقين. فلما أمعنت النظر وجدت الخرق متسعا بأعين السالكين ،