سورة فصّلت
[فيها ست آيات]
الآية الأولى ـ قوله تعالى (١) : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قال ابن وهب ، عن مالك : يعنى شدائد لا خير فيها ، وكذلك روى عنه ابن القاسم.
وقال زيد بن أسلم : وإنما ذكر ذلك مالك ردّا على من يقول : إن النّحس الغبار ، ولو كان الغبار نحسا لكان أقلّ ما أصابهم من نحس ، وكذلك من قال : إنها متتابعات لا يخرج من لفظ قوله تعالى : (نَحِساتٍ). وإنما عرف التتابع من قوله تعالى (٢) : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً).
المسألة الثانية ـ قيل : إنها كانت آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء ، والناس يكرهون السفر يوم الأربعاء لأجل هذه الرواية ، لقيت يوما مع خالي الحسين بن أبى حفص رجلا من الكتاب فودعناه (٣) بنيّة السفر ، فلما فارقنا قال لي خالي : إنك لا تراه أبدا لأنه سافر يوم أربعاء ـ لا يتكرر ، وكذلك كان : مات في سفره ، وهذا ما لا أراه ، فإنّ يوم الأربعاء يوم عجيب بما جاء في الحديث من الخلق فيه ، والترتيب ، فإن الحديث ثابت بأن الله خلق يوم السبت التربة ، ويوم الأحد الجبال ، ويوم الاثنين الشجر ، ويوم الثلاثاء المكروه ، ويوم الأربعاء النور ، وروى : النون. وفي الحديث (٤) : إنه خلق يوم الأربعاء غرة التّقن ، وهو كل شيء أتقن به الأشياء ، يعنى المعادن من الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص ،
__________________
(١) آية ١٦.
(٢) سورة الحاقة ، آية ٧.
(٣) في ش : فودعاه.
(٤) في ش : وفي غريب الحديث.