الآية الثانية ـ قوله تعالى (١) : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ ثبت عن صهيب ـ واللفظ لمسلم (٢) ـ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال : كان ملك فيمن كان قبلكم ، وكان له ساحر ، فلما كبر قال للملك : قد كبرت ، فابعث لي غلاما أعلّمه السحر ، فبعث إليه غلاما يعلمه ، فكان في طريقه ـ إذا سلك ـ راهب قعد إليه ، وسمع كلامه ، فأعجبه ، فكان إذا أتى الساحر مرّ بالراهب ، فقعد إليه ، وإذا أتى الساحر ضربه ، فشكا ذلك إلى الراهب ، فقال : إذا خشيت الساحر فقل : حبسني أهلى ، وإذا خشيت أهلك فقل : حبسني الساحر ، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس ، فقال : اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل! فأخذ حجر! وقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحبّ إلى من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة ، حتى يمضى الناس ، فرماها فقتلها ، ومضى الناس ، فأتى [إلى] (٣) الراهب فأخبره ، فقال له الراهب : أى بنىّ ، أنت اليوم أفضل منى ، قد بلغ من أمرك ما أرى (٤) ، وإنك ستبتلى ، فإن ابتليت فلا تدلّ علىّ ، فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ، ويداوى الناس من سائر الأدواء ، فسمع به جليس الملك ـ وكان قد عمى ـ فأتاه بهدايا كثيرة ، فقال : لك ما هنالك أجمع إن شفيتني ـ قال : إنى لا أشفى أحدا ، إنما يشفى الله ، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله لك فشفاك. فآمن بالله ، فشفاه الله.
فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس ، فقال له الملك : من ردّ عليك بصرك؟ قال: ربي. قال : ولك ربّ غيرى! قال : ربي وربك الله.
فأخذه فلم يزل به (٥) حتى دلّ على الغلام. فجيء بالغلام ، فقال له الملك : أى بنى ، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص ، وتفعل وتفعل! فقال : إنى لا أشفى أحدا إنما يشفى الله. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الراهب ، فجيء بالراهب فقيل له : ارجع عن دينك ، فأبى ، فدعا بالمنشار ، فوضع المنشار على مفرق رأسه ، فشقّه ، حتى وقع شقّاه ،
__________________
(١) آية ٤
(٢) صفحة ٢٢٩٩
(٣) ساقط من ش.
(٤) في ا : ما ترى.
(٥) في ا ومسلم : يعذبه.