سورة النّبأ
[فيها آيتان]
الآية الأولى ـ قوله سبحانه وتعالى (١) : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً).
امتنّ الله تعالى على الخلق بأن جعل الليل غيبا يغطّى بسواده كما يغطّى الثوب لابسه ، ويستر كلّ شيء كما يستره (٢) الحجاب.
قاله أبو جعفر ، فظنّ بعض الغافلين أنّ الرجل إذا صلّى عريانا ليلا في بيت مظلم أنّ صلاته صحيحة ، لأن الظلام يستر عورته ، وهذا باطل قطعا ، فإنّ الناس بين قائلين : منهم من يقول إنّ ستر العورة فرض إسلامى لا يختصّ وجوبه بالصلاة. ومنهم من قال : إنه شرط من شروط الصلاة ، وكلاهما اتفقا على أنّ ستر العورة للصلاة في الظلمة كما هو في النور ، إثباتا بإثبات ، ونفيا بنفي ، ولم يقل (٣) أحد إنه يجب في النور ويسقط في الظلمة اجتزاء بسترها عن ستر ثوب يلبسه المصلى ، فلا وجه لهذا بحال عند أحد من المسلمين.
الآية الثانية ـ قوله تعالى (٤) : (لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً. وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً).
امتنّ الله سبحانه وتعالى على عباده بإنزاله الماء المبارك من السماء ، وبإخراجه الحبّ والنبات ولفيف الجنات ، وكلما امتنّ الله به من النعم ، ففيه حقّ الصدقة بالشكر ، فإنّ الله جعل الصدقة شكر نعمة المال ، كما جعل الصلاة شكر نعمة البدن.
وقد بيّنا ذلك في سورة الأنعام وغيرها ، وحققنا تفصيل وجوب الزكاة ومحلها ومقدارها بما يغنى عن إعادته لظهوره وشموله في البيان بموضعين.
__________________
(١) آية ١٠.
(٢) في ش ، م : كما يستر الحجاب.
(٣) في ا : ولم يعتد.
(٤) آية ١٥ ، ١٦.