وقد قيل : إنها سمّيت مثاني لأنّ الله استثناها لمحمد دون سائر الأنبياء ولأمته دون سائر الأمم.
الآية العاشرة ـ قوله تعالى (١) : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ التسبيح هو ذكر الله تعالى بما هو عليه من صفات الجلال والتعظيم ، بالقلب اعتقادا ، وباللسان قولا. والمراد به هاهنا الصلاة ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (٢) : نعلم ضيق صدرك بما تسمعه من تكذيبك وردّ قولك ، ويناله أصحابك من إذاية أعدائك ، فافزع (٣) إلى الصلاة ، فهي غاية التسبيح ونهاية التقديس ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، وذلك تفسير قوله : (وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) ، أى من المصلين ـ وهي :
المسألة الثانية ـ فإن دعامة القربة في الصلاة حال السجود.
وقد ظن بعض الناس أن المراد به هاهنا الأمر بالسجود نفسه (٤) ، فيرى هذا الموضع محلّ سجود في القرآن.
وقد شاهدت الإمام بمحراب زكريا من البيت المقدس طهّره الله يسجد في هذا الموضع عند قراءته له في تراويح رمضان ، وسجدت معه فيها ، ولم يره جماهير العلماء.
المسألة الثالثة ـ قوله (٥) : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ).
أمره بعبادته إذا قصّر عباده في خدمته ، فإن ذلك طبّ علّته ، وهي كما قدمنا أشرف الخصال ، والتسمّى بها أشرف الخطط.
قال شيوخ المعاني : ألا ترى كيف سمّى الله بها رسوله عند أفضل منازله ، وهي الإسراء ، فقال : سبحان الذي أسرى بعبده ، ولم يقل بنبيه ولا رسوله ، ولقد أحسن الشاعر فيما جاء به من اللفظ حيث يقول :
__________________
(١) آية ٩٨.
(٢) نص الآية : ولقد نعلم أنك يضيق صدرك مما يقولون.
(٣) في م : فافرغ.
(٤) في ا : بنفسه.
(٥) آية ٩٩.