في الدنيا من العذاب ، وفي الآخرة بتعجيل الحساب ، وتضعيف الثواب ، قال الله تعالى(١): (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ، وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
وأما الآمر والناهي فذلك الوصف في الحقيقة لله تعالى ، ولكنه لما كان الواسطة أضيف إليه ، إذ هو الذي يشاهد آمرا ناهيا ، ويعلم بالدليل أنّ ذلك واسطة ، ونقل عن الذي له ذلك الوصف حقيقة.
وأما الطيب فلا أطيب منه ، لأنه سلم عن خبث القلب (٢) حين رميت منه العلقة السوداء. وسلم عن خبث القول ، فهو الصادق المصدق. وسلم عن خبث الفعل ، فهو كلّه طاعة.
وأما الكريم فقد بينا معنى الكرم ، وهو له على التمام والكمال.
وأما المحلّل والمحرّم فذلك بمعنى مبيّن الحلال والحرام ، وذلك بالحقيقة هو الله تعالى ، كما تقدّم ، والنبىّ متولّى ذلك بالوساطة والرسالة.
وأما الواضع والرافع فهو الذي وضع الأشياء ، مواضعها ، ببيانه ، ورفع قوما ، ووضع آخرين ، ولذلك قال الشاعر ـ يوم حنين حين فضل عليه بالعطاء غيره (٣) :
أتجعل نهبي (٤) ونهب العبي |
|
د بين عيينة والأقرع |
وما كان بدر ولا حابس |
|
يفوقان مرداس في مجمع |
وما كنت دون امرئ منهما |
|
ومن تضع اليوم لا يرفع |
فألحقه النبي صلى الله عليه وسلم في العطاء بمن فضل عنه.
وأما المخبر فهو النبىء ـ مهموزا.
وأما خاتم النبيين فهو آخرهم ، وهي عبارة مليحة شريفة تشريفا في الإخبار بالمجاز عن الآخرية ، إذا الختم آخر الكتاب ، وذلك بما فضل به ، فشريعته باقية ، وفضيلته دائمة إلى يوم الدين.
__________________
(١) سورة الأنفال ، آية ٣٣.
(٢) في م : القلوب.
(٣) اللسان ـ نهب. وهي للعباس بن مرداس.
(٤) النهب بمعنى المنهوب.