فصددت حين تركته متجدّلا (١) |
|
كالجذع بين دكادك وروابي |
وعففت عن أثوابه ولو اننى |
|
كنت المقطّر (٢) بزّنى أثوابى |
لا تحسبنّ الله خاذل دينه |
|
ونبيه يا معشر الأحزاب |
قال ابن وهب : وسمعت مالكا يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث محمد بن مسلمة الأنصارى ، وعباد بن بشير ، وأبا عباس الحارثي ، ورجلين آخرين إلى كعب بن الأشرف اليهودي ليقتلوه ، فبلغني أنهم قالوا : يا رسول الله ، أتأذن لنا أن ننال منك إذا جئناه. فأذن لهم.
فخرجوا نحوه ليلا ، فلما جاءوه نادوه ليطلع إليهم ، وكان بين عباد بن بشير وبين ابن الأشرف رضاع ، فقالت له امرأته : لا تخرج إليهم ، فإنى أخاف عليك. فقال : والله لو كنت نائما ما أيقظونى.
فخرج إليهم ، فقال : ما شأنكم؟ فقالوا : جئنا لتسلفنا شطر وسق من تمر ، ووقعوا في النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أما والله لقد كنت نهيتكم عنه ، ثم قال بعضهم : إنا لنجد منك ريح عبير.
قال : فأدنى إليهم رأسه ، وقال : شمّوا ، فذلك حين ابتدروه فقتلوه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة : إنى لأجد ريح دم كافر.
المسألة الثانية ـ روى أنس بن مالك قال : قال عمى أنس بن النضر : سميت به ، لم يشهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكبر عليه ، فقال : أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه ، أما والله لئن أرانى الله مشهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد ليرين الله ما أصنع. قال ـ وهاب أن يقول غيرها. فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد من العام القابل ، فاستقبله سعد بن معاذ ، فقال : يا أبا عمرو ، أين؟ قال : واها لريح الجنة ، إنى أجدها من دون أحد ، فقاتل حتى قتل ، فوجد في جسده بضع وثمانون جراحة بين ضربة وطعنة ورمية.
__________________
(١) في القرطبي : نازلته فتركته متجدلا. وفي ا : فصدرت.
(٢) المقطر : الذي ألقى على أحد قطريه أى جنبيه. وفي م : المظفر.