كالإناء المكفوء ، إن جلست تبنّت ، وإن قامت تثنّت ، وإن تكلّمت تغنّت :
بين شكول النساء خلقتها |
|
قصد فلا جبلة ولا قضف (١) |
تغترق الطّرف وهي لاهية |
|
كأنما شفّ وجهها نزف (٢) |
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لأرى (٣) هذا يعرف ما هاهنا ، لا يدخل عليكنّ. فحجبه.
المستثنى الثاني عشر ـ قوله : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ).
واختلف الناس في وجوب ستر ما سوى الوجه والكفّين منه على قولين :
أحدهما ـ لا يلزم ، لأنه لا تكليف عليه ، وهو الصحيح.
والآخر ـ يلزم ، لأنه قد يشتهى ، وقد تشتهي هي أيضا ، فإن راهق فحكمه حكم البالغ في وجوب الستر ولزوم الحجبة.
وبقي هاهنا المستثنى الثالث عشر ، وهو الشيخ الذي سقطت شهوته ، وفيه قولان ، كما قدمناه في الصبىّ ، والصحيح بقاء الحرمة.
المسألة السابعة ـ قال أصحاب الشافعى : عورة المرأة مع عبدها من السرّة إلى الركبة ، وكأنهم ظنوها رجلا أو ظنوه امرأة ، والله تعالى حرّم المرأة على الإطلاق نظرا ولذّة ، ثم استثنى اللذة للزوج وملك اليمين ، ثم استثنى الزينة : ظاهر الثلاثة عشر شخصا العبد منهم ، فما لنا ولغير ذلك؟ هذا نظر فاسد ، واجتهاد عن السداد متباعد.
وقد تأول بعض الناس قوله : (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) على الإماء دون العبيد ، منهم سعيد بن المسيّب ، فكيف يحمل على العبيد ، ثم يلحقون بالنساء؟ هذا بعيد جدا.
__________________
(١) الشكول : الضروب. وقصد : ليست بالجسيمة ولا بالنحيفة. والجبلة : الغليظة. والقضف : الدقة وقلة اللحم.
(٢) تغترق : من نظر إليها استغرقت طرفه وبصره وشغلته عن النظر إلى غيرها. والنزف ـ بضم فسكون ـ وحرك هنا لضرورة الشعر : خروج الدم. أى في لونها مع البياض صفرة. أو أراد أنها رقيقة المحاسن كأن دمها منزوف. «اللسان ـ قضف ، نزف».
(٣) في القرطبي : لقد غلغلت النظر إليها يا عدو الله. ثم أجلاه عن المدينة إلى الحمى.