المسألة الأولى ـ إنما أرادوا أن يجعلوا الدم علامة على صدقهم ، فروى في الإسرائيليات أن الله تعالى قرن بهذه العلامة علامة تعارضها ، وهي سلامة القميص من التّلبيب ، والعلامات إذا تعارضت تعيّن الترجيح ، فيقضى بجانب الرجحان ، وهي قوة التهمة لوجوه تضمّنها القرآن ، منها طلبهم إياه شفقة ، ولم يكن من فعلهم ما يناسبها ، فيشهد بصدقها ، بل كان سبق ضدها ، وهي تبرّمهم به.
ومنها أن الدم محتمل أن يكون في القميص موضوعا ، ولا يمكن افتراس الذئب ليوسف ، وهو لابس (١) للقميص ويسلم القميص من تخريق ، وهكذا يجب على الناظر أن يلحظ الأمارات [والعلامات] (٢) وتعارضها.
المسألة الثانية ـ القضاء بالتهمة إذا ظهرت كما قال يعقوب : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ).
ولا خلاف في الحكم بالتّهمة ، وإنما اختلف الناس في [التأثير في] (٣) أعيان التهم حسبما يأتى منثورا في المسائل الأحكامية في هذا الكتاب ، ولذلك قالوا له (٤) : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) : أى تهمتك لنا بعظم محبتك تبطل عندك صدقنا ، وهذا كلّه تخييل.
المسألة الثالثة ـ قال علماؤنا : كان في قميص يوسف ثلاث آيات : جاءوا عليه بدم كذب ، وقدّ من دبر ، وألقى على وجه يعقوب فارتدّ بصيرا.
الآية الرابعة ـ قوله تعالى (٥) : (وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ قال ابن وهب : حدثني مالك قال : طرح يوسف في الجبّ وهو غلام ، وكذلك روى ابن القاسم عنه ـ يعنى أنه كان صغيرا. والدليل عليه قوله [تعالى](٦): (لا تَقْتُلُوا (٧)
__________________
(١) في ا : وهو لا يلبس.
(٢) من م.
(٣) من م.
(٤) آية ١٧.
(٥) آية ١٩.
(٦) من م.
(٧) آية ١٠. (٣ ـ أحكام ـ ٣)