المدينة أطلق قتالهم ، وهذا إن كان صحيحا فقد نسخه الحديث الصحيح : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من لكعب بن الأشرف ، فإنه قد آذى الله ورسوله؟ فقام محمد بن مسلمة فقال : يا رسول الله ، أتحبّ أن أقتله؟ قال : نعم ، فقتله مع أصحابه غيلة.
وكذلك بعث النبىّ صلى الله عليه وسلم رهطا إلى أبى رافع عبد الله بن أبى الحقيق ، فقتلوه غيلة.
الآية الرابعة عشرة ـ قوله تعالى (١) : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ. وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
فيها مسألتان :
المسألة الأولى ـ في سبب نزولها (٢) :
في ذلك روايات مختلفة ، أظهرها وما فيها ظاهر : أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم جلس في ناد من أندية قومه ، كثير أهله ، فتمنّى يومئذ ألّا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه يومئذ ، فأنزل الله عليه : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى) فقرأ حتى إذا بلغ إلى قوله (٣) : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) ألقى عليه الشيطان كلمتين : تلك الغرانيق (٤) : العلا ، وإن شاعتهنّ لترتجى.
فتكلّم بها ، ثم مضى بقراءة السورة كلها ، ثم سجد في آخر السورة ، وسجد القوم جميعا معه ، ورفع الوليد بن المغيرة ترابا إلى جبهته وسجد عليه ، وكان شيخا كبيرا ، فلما أمسى أتاه جبريل ، فعرض عليه السورة ، فلما بلغ الكلمتين قال : ما جئتك بهاتين ، فأوحى الله إليه (٥) : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً.
__________________
(١) آية ٥٢ ، ٥٣ ، ٥٤ من السورة.
(٢) أسباب النزول للسيوطي : ١٢٠ ، وأسباب النزول للواحدي : ١٧٨
(٣) آية ٢٠ من سورة النجم.
(٤) الغرانيق هاهنا : الأصنام ، وهي في الأصل الذكور من طير الماء ، واحدها غرنوق وغرنيق. وكانوا يزعمون أن الأصنام تقربهم من الله وتشفع لهم فشبهت بالطيور التي تعلو في السماء وترتفع (النهاية).
(٥) سورة الإسراء ، آية ٧٣ ، ٧٤ ، ٧٥.