ما شاء الله لا قوة إلا بالله. قال أشهب : قال مالك : ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول هذا.
وقال ابن وهب : قال لي حفص بن ميسرة : رأيت على باب وهب بن منبه مكتوبا «ما شاء الله لا قوة إلا بالله».
وروى أن من قال أربعا أمن من أربع ، من قال هذه أمن من هذا (١) ، ومن قال : حسبنا الله ونعم الوكيل أمن من كيد الناس له ، قال تعالى (٢) : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
ومن قال : (أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) أمّنه الله من المكر ، قال تعالى ـ مخبرا عن العبد الصالح أنه قال (٣) : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ. فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا ، وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ).
ومن قال : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) ، أمن من الغم ، وقد قال قوم : ما من أحد يقول ما شاء الله كان فأصابه شيء إلا رضى به ، والله أعلم.
الآية السادسة ـ قوله تعالى (٤) : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً).
فيها أربع مسائل :
المسألة الأولى ـ قد بيّنا في كتب الأصول أنّ كل موجود ـ ما عدا الله وصفاته العلا ـ له أول ، فإن كلّ موجود ـ ما عدا نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار ـ له آخر ، وكل ما لا آخر له فهو الباقي حقيقة. ولكن الباقي بالحق والحقيقة هو الله ، حسبما بينّاه في كتاب الأمد. فأما نعيم الجنة فأصول مذ خلقت لم تفن ولا تفنى بخبر الله تعالى ، وفروع وهي النعم ، هي أعراض إنما توصف بالبقاء على معنى أن أمثالها يتجدّد من غير انقطاع ، كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما يأتى بيانه في سورة مريم وغيرها إن شاء الله ، وعلى ما تقدم بيانه قبل في سورة النساء بقوله (٥) : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها) ، فهذا فناء
__________________
(١) في القرطبي : أمن من العين.
(٢) سورة آل عمران ، آية ١٧٣.
(٣) سورة غافر ، آية ٤٤ ، ٤٥.
(٤) آية ٤٦.
(٥) سورة النساء ، آية ٥٥.