الثاني ـ اليوم قبلتكم وكتبت رضائى عنكم لرضائى (١) لدينكم ، فإنّ تمام الدين إنما يكون بالقبول.
الثالث ـ اليوم أكملت لكم دعاءكم ، أى استجبت لكم دعاءكم ، ودعاء نبيكم لكم. ثبت في الصحاح أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم قال : أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة.
الرابع ـ اليوم أظهرتكم على العدوّ بجمع الحرمين له أو بتعريف ذلك فيه.
الخامس ـ اليوم طهّرت لكم الحرم عن دخول المشركين فيه معكم ، فلم يحجّ بعد ذلك العام مشرك ، ولا طاف بالبيت عريان ، ولا كان الناس صنفين في موقفهم ، بل وقفوا كلهم في موقف (٢) واحد.
السادس ـ اليوم أكملت لكم الفرائض وانقطع النسخ.
السابع ـ أنه (٣) بكمال الدين لم ينزل بعد هذه الآية شيء ، وذلك أنّ الله سبحانه لم يزل يصرّف نبيّه وأصحابه في درجات الإسلام ومراتبه درجة حتى أكمل شرائعه ومعالمه وبلغ أقصى درجاته ، فلما أكمله تمّت به النعمة ورضيه دينا ، كما هو عليه الآن ، يريد : فالزموه ولا تفارقوه ولا تغيّروه ، كما فعل سواكم بدينه.
المسألة الرابعة ـ في المختار من هذه الأقوال :
كلّها صحيحة ، وقد فعلها الله سبحانه فلا يختص بعضها دون بعض ، بل يقال إنّ جميعا مراد الله سبحانه وما تعلّق بها مما كان في معناها ، إلا أن قوله : إنه لم ينزل بعده آية ولا ذكر بعده حكم لا يصح ، قد ثبت عن البراء في الصحيح أنّ البراء قال : آخر آية نزلت (٤) (يَسْتَفْتُونَكَ) ، وآخر سورة نزلت «براءة».
وفي الصحيح ، عن ابن عباس ، قال : آخر آية نزلت آية الرّبا. وقد روى أنها نزلت قبل موت النبي صلّى الله عليه وسلم بيسير.
والذي ثبت في تاريخه حديث عمر وابن عباس في قوله : اليوم أكملت لكم دينكم ـ أنه يوم عرفة ، فهذا تاريخ صحيح لا غبار عليه ، ويأتى تمامه في سورة الأنعام إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) في ا : فرضائى.
(٢) في ل : موضع. وفي القرطبي : ووقف الناس كلهم بعرفة.
(٣) في ا : إن.
(٤) سورة النساء ، آية ١٧٦