وإن دعوت بالاسم الأعظم قلت : يا الله ، فهو متضمّن لكل اسم حسبما بينّاه في كتاب الأمد ، ولا تقل يا رزاق اهدني إلّا أن تريد يا رازق ارزقني الهدى ، وهكذا رتّب دعاءك على اعتقادك تكن من المحسنين إن شاء الله.
المسألة السابعة ـ قوله : (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) :
يقال : ألحد ولحد : إذا مال. والإلحاد يكون بوجهين : بالزيادة فيها ، والنقصان منها ، كما يفعله الجهّال الذين يخترعون أدعية يسمّون فيها الباري بغير أسمائه ، ويذكرونه بما لم يذكره من أفعاله ، إلى غير ذلك ، مما لا يليق به ؛ فحذار منها ، ولا يدعون أحد منكم إلّا بما في الكتب الخمسة ؛ وهي كتاب البخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وأبى داود ، والنسائي ؛ فهذه الكتب هي بدء الإسلام ، وقد دخل فيها ما في الموطأ الذي هو أصل التصانيف ؛ وذروا سواها ، ولا يقولنّ أحد : أختار دعاء كذا ؛ فإن الله قد اختار له ، وأرسل بذلك إلى الخلق رسوله.
الآية الموفية عشرين ـ قوله تعالى (١) : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ).
فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى ـ أمر الله تعالى بالنظر في آياته ، والاعتبار بمخلوقاته في أعداد كثيرة من آي القرآن ؛ أراد بذلك زيادة في اليقين ، وقوة في الإيمان ، وتثبيتا للقلوب على التوحيد. وقد روى ابن القاسم ، عن مالك ؛ قال : قيل لأمّ الدرداء : ما كان أكثر شأن أبى الدرداء؟ قالت : كان أكثر شأنه التفكر. قيل له : أفترى الفكر عملا من الأعمال؟ قال : نعم. هو اليقين.
وقيل لابن المسيّب في الصلاة بين الظّهر والعصر. فقال : ليست هذه عبادة ؛ إنما العبادة الورع عما حرّم الله والفكر في أمر الله.
وقال الحسن : تفكّر ساعة خير من قيام ليلة.
المسألة الثانية ـ حقيقة التفكر هنا ترديد (٢) العلم في القلب بالخبر عنه.
__________________
(١) الآية الخامسة والثمانون بعد المائة.
(٢) في ل : تدبر.