معه عوض (١) ، وقد جاء في الحديث الصحيح : من راح في الساعة الأولى إلى الجمعة فكأنما قرّب بدنة ، ومن راح في الساعة السادسة فكأنما قرّب بيضة (٢) ، وفي بعض الألفاظ ؛ فكأنما أهدى بدنة ، وكأنما أهدى بيضة. وقد اتفق الفقهاء على أن من قال : ثوبي هدى أنه يبعث بثمنه إلى مكة في اختلاف يأتى بيانه.
المسألة الرابعة ـ وأما القلائد فهي كل ما علّق على أسنمة الهدايا علامة على أنها لله سبحانه ، من نعل أو غيره ، وهي سنّة إبراهيمية بقيت في الجاهلية وأقرّها الإسلام في الحج. وأنكرها أبو حنيفة. وقد ثبت في الصحيح ، وذلك مبين في مسائل الخلاف إن شاء الله تعالى.
المسألة الخامسة ـ (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) : يعنى قاصدين له ، من قولهم : أممت كذا ، أى قصدته ، وهذا عامّ في كل من قصده باسم العبادة ، وإن لم يكن من أهلها ، كالكافر ، وهذا قد نسخ بقوله تعالى (٣) : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) في قول المفسرين ، وهو تخصيص غير نسخ على ما بيناه في القسم الثاني ، فإنه إن كان أمر بقتل الكفار (٤) فقد بقيت الحرمة للمؤمنين.
المسألة السادسة ـ قوله تعالى : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) ، وكان سبحانه حرّم الصيد في حال الإحرام بقوله تعالى (٥) : (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) ، ثم أباحه بعد الإحلال ، وهو زيادة بيان ؛ لأنّ ربطه التحريم بالإحرام يدلّ على أنه إذا زال الإحرام زال التحريم ، ولكن يجوز أن يبقى التحريم لعلة أخرى غير الإحرام ؛ فبين الله سبحانه عدم العلة بما صرّح به من الإباحة ؛ فكان نصّا في موضع الاستثناء ، وهو محمول على الإباحة اتفاقا ، وقد توهم قوم أنّ حمله على الإباحة إنما كان لأجل تقديم الحظر عليه ، وقد بيناه في أصول الفقه.
المسألة السابعة ـ قوله تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ) على العدوان على آخرين.
__________________
(١) في القرطبي : (٦ ـ ٣٩) الهدى : ما أهدى إلى بيت الله تعالى من ناقة أو بقرة أو شاة.
وقال الجمهور : الهدى عام في جميع ما يتقرب به من الذبائح والصدقات.
(٢) البدنة : تقع على الجمل والناقة والبقرة ، وهي بالإبل أشبه ؛ وسميت بدنة لعظمها وسمنها (النهاية).
وفي القرطبي (٦ ـ ٣٩) : وتسمية البيضة هديا لا محمل له إلا أنه أراد به الصدقة.
(٣) سورة التوبة ، آية ٥.
(٤) في ا : الكلاب.
(٥) الآية السابقة ـ الأولى من المائدة.