السادس ـ الفرار خوف الإذاية في المال ؛ فإنّ حرمة مال المسلم كحرمة دمه ، والأهل مثله أو آكد ؛ فهذه أمهات قسم الهرب.
وأما قسم الطلب فينقسم إلى قسمين : طلب دين وطلب دنيا ؛ فأما طلب الدّين فيتعدد بتعدد أنواعه ، ولكن أمهاته الحاضرة عندي الآن تسعة :
الأول ـ سفر العبرة ، قال الله تعالى (١) : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).
وهذا كثير في كتاب الله عزّ وجلّ.
ويقال : إنّ ذا القرنين إنما طاف الأرض ليرى عجائبها. وقيل : لينفذ الحقّ فيها.
الثاني ـ سفر الحجّ. والأول وإن كان ندبا فهذا فرض ، وقد بينّاه في موضعه.
الثالث ـ سفر الجهاد ، وله أحكامه.
الرابع ـ سفر المعاش ؛ فقد يتعذّر على الرجل معاشه مع الإقامة ، فيخرج في طلبه لا يزيد عليه ولا ينقص من صيد أو احتطاب أو احتشاش أو استئجار ، وهو فرض عليه.
الخامس ـ سفر التجارة والكسب الكثير الزائد على القوت ؛ وذلك جائز بفضل الله سبحانه قال الله سبحانه (٢) : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) ـ يعنى التجارة.
وهذه نعمة منّ بها في سفر الحج ، فكيف إذا انفردت.
السادس ـ في طلب العلم ، وهو مشهور.
السابع ـ قصد البقاع الكريمة ، وذلك لا يكون إلا في نوعين : أحدهما المساجد الإلهية ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لا تشدّ الرحال إلّا إلى ثلاثة مساجد : مسجدى هذا ، والمسجد الحرام ، والمسجد الأقصى.
الثاني ـ الثغور للرباط بها ، وتكثير سوادها للذبّ عنها ؛ ففي ذلك فضل (٣) كثير.
الثامن ـ زيارة الإخوان في الله ، وقد استوفينا ذلك في شرح الحديث.
التاسع ـ السفر إلى دار الحرب ، وسيأتى بعد إن شاء الله تعالى ؛ وبعد هذا فالنية
__________________
(١) سورة يوسف ، آية ١٠٩
(٢) سورة البقرة ، آية ١٩٨
(٣) في ا : فعل.