أحدهما ـ أن تكون
تسمية الصلاة إيمانا وتركها كفرا مجازا .
الثاني ـ أن يرجع
ذلك إلى اعتقاد وجوب الصلاة أو اعتقاد نفى وجوبها ؛ وهذا لا يحتاج إليه ؛ بل يقول
علماؤنا من الفقهاء : إنها تسمّى إيمانا ، وهي من أركان الإيمان وعهد الإسلام . ولكنّ الفرق بين علماء الأصول والمرجئة أن المرجئة قالت :
ليست من الإيمان وتاركها في الجنة ، وهؤلاء قالوا : ليست من الإيمان وتاركها في
المشيئة ، وعلماؤنا الفقهاء قالوا : هي من الإيمان وتاركها في المشيئة ، قضت بذلك
آي القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ). وقال النبي صلى الله عليه وسلم : خمس صلوات كتبهنّ الله على عباده في
اليوم والليلة ، من جاء بهنّ لم يضيع شيئا منهن استخفافا بحقهن كان له عند الله
عهد أن يدخله الجنة ، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذّبه وإن شاء
غفر له.
فقضت هذه الآية
وهذا الحديث ونظائرهما على كل متشابه جاء معارضا في الظاهر لهما ؛ ولم يمتنع أن
تسمى الصلاة إيمانا في إطلاق اللفظ ويحكم لتاركها بالمغفرة تخفيفا ورحمة.
ويحمل ما جاء من
الألفاظ الكفرة ؛ كقوله عليه السلام : من
ترك الصلاة فقد كفر ونحوه على ثلاثة أوجه : الأول على التغليظ. الثاني أنه قد فعل فعل الكافر.
الثالث أنه قد أباح دمه ، كما أباحه الكافر ؛ والله أعلم.
الآية الخامسة
والعشرون ـ قوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ
شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
شَطْرَهُ).
الشّطر في اللغة
يقال على النّصف من الشيء ، ويقال على القصد ، وهذا خطاب لجميع المسلمين ، من كان
منهم معاينا للبيت ومن كان غائبا عنه.
وذكر الباري
سبحانه المسجد الحرام ، والمراد به البيت ، كما ذكر في قوله تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا
الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) الكعبة ، والمراد به الحرم ، لأنه تعالى خاطبنا
__________________