التراضي فكيف
يستحيل اجتماعها مع التراضي؟ ثم يقال : إنها لا تجرى إلّا على حكمه ولا تكون إلّا
في محلّه ؛ وهذا بعيد.
المسألة الثالثة ـ
قد روى أنّ مريم كانت بنت أخت زوج زكريا ، ويروى أنها كانت بنت عمه ، وقيل من
قرابته ؛ فأما القرابة فمقطوع بها ، وتعيينها مما لم يصح.
وهذا جرى في
الشريعة التي قبلنا ، فأما إذا وقع في شريعتنا فالخالة أحقّ بالحضانة بعد الجدة من
سائر القرابة والناس ؛ لما روى أن النبي عليه السلام قضى بها للخالة ، ونص الحديث
ـ خرجه أبو داود ـ قال : خرج زيد بن حارثة إلى مكة فقدم بابنة حمزة ـ قال ابن
العربي : واسمها أمة الله ، وأمها سلمى بنت عميس أخت أسماء بنت عميس ـ فقال
جعفر : أنا أحق بها ؛ ابنة عمى ، وعندي خالتها ، وإنما الخالة أمّ. وقال علىّ : أنا أحقّ بها وعندي ابنة رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم ؛ فأنا أحقّ بها. وقال زيد : أنا أحقّ بها ، خرجت إليها وسافرت وقدمت بها ، فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
وذكر شيئا ، وقال : أمّا الجارية فأقضى بها لجعفر تكون مع خالتها ،
وإنما الخالة بمنزلة الأم.
المسألة الرابعة ـ
هذا إذا كانت الخالة أيّما ، فأما إن تزوّجت ، وكان زوجها أجنبيا فلا حضانة لها ؛
لأنّ الأمّ تسقط حضانتها بالزوج الأجنبى ؛ فكيف بأختها وبأمها والبدل عنها.
فإن كان وليّا لم
تسقط حضانتها كما لم تسقط حضانة زوج جعفر ؛ لكون جعفر وليّا لابنة حمزة وهي بنوّة
العم.
وذكر ابن أبى
خيثمة أن زيد بن حارثة كان وصىّ حمزة فتكون الخالة على هذا أحقّ من الوصىّ ، ويكون
ابن العم إذا كان زوجا غير قاطع للخالة في الحضانة وإن لم يكن محرّما لها.
وقد بينا في شرح
الحديث اسم الكل ووصف قرابته.
الآية الثامنة ـ قوله
تعالى : (فَمَنْ حَاجَّكَ
فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ
وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى
الْكاذِبِينَ).
__________________