مؤقتا لا تجوز الزيادة عليه ، ولا تعتبر إن وجدت لما أوقفه الله تعالى على الإرادة كسائر الأعداد (١) المؤقتة في الشريعة.
وقال أبو حنيفة : يريد ستة أشهر. وقال زفر : ثلاث سنين ؛ وهذا كلّه تحكّم.
والصحيح أنّ ما قرب من أمد الفطام عرفا لحق به وما بعد منه خرج عنه من غير تقدير ؛ وفي مسائل الفروع تتمّة ذلك.
المسألة الرابعة ـ قوله تعالى : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) : دليل على وجوب نفقة الولد على الوالد لعجزه وضعفه ؛ فجعل الله تعالى ذلك على يدي أبيه لقرابته منه وشفقته عليه ؛ وسمّى الله تعالى الأمّ لأنّ الغذاء يصل إليه بوساطتها في الرضاعة ، كما قال تعالى (٢) : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَ) ؛ لأنّ الغذاء لا يصل إلى الحمل إلّا بوساطتهن في الرضاعة ؛ وهذا باب من أصول الفقه ، وهو أنّ ما لا يتمّ الواجب إلّا به واجب مثله.
المسألة الخامسة ـ قوله تعالى : (بِالْمَعْرُوفِ).
يعنى على قدر حال الأب من السّعة والضيق ، كما قال تعالى في سورة الطلاق (٣) : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ؛ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ). ومن هذه النكتة أخذ علماؤنا جواز إجارة الظئر بالنفقة والكسوة ، وبه قال أبو حنيفة ، وأنكره صاحباه ، لأنها إجارة مجهولة فلم تجز ، كما لو كانت الإجارة به على عمل الآخر ، وذلك عند أبى حنيفة استحسان ، وهو عند مالك والشافعى أصل في الارتضاع ، وفي كل عمل ، وحمل على العرف والعادة في مثل ذلك العمل. ولو لا أنه معروف ما أدخله الله تعالى في المعروف.
فإن قيل : الذي يدلّ على أنه مخصوص أنه قدّر بحال الأب من عسر ويسر ، ولو كان على رسم الأجرة لم يختلف كبدل سائر الأعواض.
قلنا : قدّروه بالمعروف أصلا في الإجارات (٤) ، ونوعه باليسار والإقتار رفقا ؛ فانتظم الحكمان ، واطّردت الحكمتان.
__________________
(١) في ا : إذا الموقتة ، وهو تحريف.
(٢) سورة الطلاق ، آية ٦
(٣) الآية السابعة.
(٤) في ا : الإجازات.