عليّا في صفّين (١) ، وبعد أن استتب الأمر لمعاوية ، ونصّب مروان واليا على المدينة جعل مروان يؤذي الإمام الحسن ، ويجرّعه الغيظ (٢) ، ثمّ كانت مجزرة الطّفّ ، وظهرت مخازي الأمويّين في أبشع صورها.
وبعد هذا كلّه لا يصفح الإمام زين العابدين عن أسواء اميّة ، ويتجاهلها فحسب ، بل أحسن إليهم ، وحمى لهم العيال والأطفال ، وضمّهم إلى أهله وأولاده ، ودفع عنهم السّوء والأذي ، هذا بعد أن ذبح الأمويون أخاه الرّضيع (٣) ، وأوطأوا الخيل صدر أبيه وظهره (٤) ، وأسروا الإمام زين العابدين مع عمّاته مكبّلا بالحديد ، وهو لما به من الأسقام والآلآم (٥).
ويعجب كلّ من عرف هذه الحقيقة ، ويتساءل في حيرة وذهول : كيف فعل الإمام زين العابدين هذا الفعل مع من وقف ذاك الموقف معه ، ومع جدّه ، وأبيه ، وعمّه ، واخوته ، ونسائه؟! وهل هذا حلم وعقل ، أو إنسانيّة ورحمة؟!.
__________________
(١) انظر ، الاسيعاب : ٦٤ ـ ٦٧ ، وقعة صفّين : ٤٦٢ طبعة ٢ سنة ١٣٨٢ ه ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ١ / ٢٦١ و : ٢ / ٣٠١ ، تهذيب ابن عساكر : ٣ / ٢٢٠ ، تأريخ الطّبريّ : ٦ / ٨٠ ، و : ٤ / ٢٠ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٤١ ، تأريخ دمشق : ٣ / ٢٢٢ ، نهاية الأرب للقلقشندي : ٣٧١ ، مروج الذّهب بهامش ابن الأثير : ٦ / ٩٣ ، الجمهرة : ٢٢٨ و ٣٩١ ، اسد الغابة : ٣ / ٣٤٠ ، و : ١ / ١٨٠ ، ابن الأثير : ٣ / ١٥٣.
(٢) انظر ، المقاتل : ٤٣ ، أنساب الأشراف : ١ / ٤٠٤ ، شرح النّهج لابن أبي الحديد : ٤ / ١١ و ١٧ : ... تأريخ الخلفاء : ١٣٨ ، الإصابة الصّواعق المحرقة : ٨١ ، مروج الذّهب بهامش الكامل : ٢ / ٣٥٣ ، ٦ / ٥٥ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر : ٤ / ٢٢٦ ، وأسماء المغتالين من الأشراف : ٤٤ ، تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٢٥ ، ابن شحنة بهامش ابن الأثير : ١١ / ١٣٢.
(٣) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٢ ، المعارف : ٢١٣ ، أنساب الأشراف : ٣ / ٣٦٢ ، مقاتل الطّالبيين : ٩٤ ، الأغاني : ١٤ / ١٦٣ ، المسعودي في ينابيعه : ٣ / ٧٧ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ٢ / ٣٢.
(٤) انظر ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣١٤ ، والكامل في التّأريخ : ٣ / ٢٨٤.
(٥) تقدّمت تخريجاته. وانظر ، مقتل الخوارزمي : ٢ / ٦١.