نفسه بالخروج عن طاعته ، وطاعة أسياده ، فكان هذا التّطوّف خير وسيلة لنشر الدّعوة العلوية ، ومبدأ التّشيّع لأهل البيت ، ولعن من شايع ، وبايع ، وتابع على قتل الحسين ، وسلام الله على السّيّدة الحوراء حيث قالت ليزيد : «فو الله ما فريت إلّا جلدك ، وما حززت إلّا لحمك» (١).
وبعد الطّواف بالرّأس أرسله ابن زياد وسائر الرّؤوس إلى يزيد مع أبي بردة ، وطارق بن ضبّان في جماعة من أهل الكوفة ، ثمّ أمر بنساء الحسين وصبيانه فشدّوا بالحبال على أقتاب الجمال مكشوفات الوجوه ، ومعهم الإمام زين العابدين قد وضعت الأغلال في عنقه ، وسرّح بهم ابن زياد مع مخفر بن ثعلبة وشمر بن ذي الجوشن (٢) ، فأسرعا حتّى لحقا بالقوم الّذين معهم الرّؤوس ، وكانوا إذا مرّوا ببلد استقبلهم أهله بالمظاهرات ، والهتافات المعادية ، ورشقتهم النّساء والأطفال بالحجارة يصرخون بهم : يا فجرة ، يا قتلة أولاد الأنبياء.
سبوا الأطفال ، والنّساء ، وطافوا بهنّ وبالرّؤوس ليقضوا على مبدأ عليّ وأبناء عليّ ، فكان السّبي ، والتّطوّاف ، ضربة مميتة لهم ولسطانهم ، ووسيلة حقّقت الغاية الّتي أرادها الحسين من نهضته ، فلقد أثار السّبي الأحزان ، والأشجان في كلّ نفس ، وزاد من فجائع الواقعة المؤلمة ، وكشف أسرار الأمويّين للقاصي والدّاني ، وظهرت قبائحهم ومخازيهم للعالم والجاهل ، واستبان للمسلمين في
__________________
(١) انظر ، الإحتجاج : ٢ / ٣٦ ، مثير الأحزان لابن نما : ٨١ ، مقتل الحسين لأبي مخنف الأزدي : ٢٢٧. (٢) انظر ، الكامل لابن الأثير : ٤ / ٩٢ ، ميزان الإعتدال : ١ / ٤٤٩ ، لسان الميزان : ٣ / ١٥٢ ، تأريخ علماء الأندلس : ١ / ١٦٦ ، جمهرة الأنساب : ٢٧٠ ، اللّباب : ٢ / ٦٩ ، المحبّر : ٣٠١ ، تأريخ الطّبري : ٤ / ٣٤٩ و : ٥ / ٤٥٥ ـ ٤٥٦ ، مثير الأحزان : ٦٥ ، اللهوف في قتلى الطّفوف : ٦٠ ، الإرشاد للشّيخ المفيد : ٢ / ١٦٣ ، الأخبار الطّوال : ٢٥٩ ، مقتل الحسين لأبي مخنف : ٢٠٤.