وقد تجاهل هذه الحقيقة الّذين اضمروا العداء لعليّ وبنيه ، وقالوا : أنّ الحسين ألقى بيده إلى التّهلكة ، وكان عليه أن يسلّم ليزيد ، ما دام عاجزا عن مقاومته ... قالوا هذا ، وهم يعلمون أنّ الحسن صالح معاوية ، وسلّم له الأمر ، ثمّ غدر به ، وأنّ معاوية أعطى العهود والمواثيق لأولياء الله كحجر بن عدي ، وعمرو بن الحمق وغيره ، ثمّ نقضها ، وقتلهم دون أن يقاتلوه ، وأنّ مسلم بن عقيل ألقى السّلاح بعد أن أخذ العهد والأمان من أذناب الأمويّين ، ثمّ قتلوه ومثّلوا به.
وجاء في البحار :
«أنّ يزيد أنفذ عمرو بن سعيد إلى مكّة ، وولّاه الموسم وأمره بقتل الحسين على أي حال اتّفق ، وأنّه دسّ مع الحاج ثلاثين رجلا ، ليغتالوا الحسين ، ولمّا علم الحسين بذلك خرج من مكّة ، وقبل خروجه قال لأخيه محمّد بن الحنفيّة : والله يا أخي لو كنت في حجر هامّة من هوام الأرض لإستخرجوني منه ، حتّى يقتلوني (١) ... وفي هذا دلالة ظاهرة أنّه مقتول ، حتّى ولو سالم وبايع ، وكانوا يعرضون عليه البيعة صورة ، لعلمهم بأنه لا يبايع ، ألا ترى كيف أشار مروان بن الحكم بقتل الحسين على والي المدينة؟ ... وكيف كتب ابن زياد لابن سعد :
__________________
(١) انظر ، بحار الأنوار : ١٠ / ١١٦. وما رأيت أجهل ممّن قال : كيف اطمأنّ الحسين لأهل الكوفة ، وقد غدروا بأخيه ر ، وأبيه من قبل؟ ... فهل كان الحسين يجهل ذلك؟. ألم يصرح أكثر من مرّة بأنّ الله شاء أن يراني قتيلا ، ويرى نسوتي سبايا؟ ... (منه قدسسره).
انظر ، تأريخ الطّبري : ٣ / ٢٩٥ ، الكامل في التّأريخ : ٢ / ٥٤٦ ، تهذيب تأريخ دمشق لابن عساكر: (ترجمة الإمام الحسين عليهالسلام) : ٢١٢ ح ٦٦٤ ، وقعة الطّفّ : ١٥٢ ، مقتل الحسين للخوارزمي : ١ / ٢١٨ مقتل الحسين لأبي مخنف : ٦٧ ، مقاييس اللّغة لابن فارس : ٤ / ٤٩٦ ، الفتوح لابن أعثم : ٣ / ٧٤ البداية والنّهاية : ٦ / ١٦٣ ح ١٦٦٠٨ ، ينابيع المودّة : ٣ / ٦٠ ، الطّبقات لابن سعد : ح ٢٧٨.