هل أقدم الحسين على التّهلكة
قد يتساءل : كيف تحدّى إبراهيم الخليل عليهالسلام شعور قومه ، وأهانهم في آلهتهم وأعظم مقدّساتهم ، ولم يعبأ بالنّمرود صاحب الحول والطّول؟! هذا ، وهو أعزل من السّلاح ، والمال لا ناصر له ، حتّى أبويه لم يجرءا على مناصرته والذّب عنه.
حطّم الخليل آلهة قومه ، وداسها بقدميه ، وقال للألوف المؤلّفة : (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١) ، ولم يخش سطوتهم ، ونارهم الّتي أو قدوها لحرقة حيّا.
وموسى الكليم عليهالسلام الشّريد الطّريد الّذي أكل بقلة الأرض حتّى بانت خضرتها من شفيف بطنه لهزاله ، وحتّى سأل ربّه قطعة خبز ، وتضرّع إليه بقوله : (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (٢). هذا الفقر إلى لقمة الخبز يصرخ في وجه فرعون المتألّه ، صاحب النّيل ، والملك العريض الطّويل ، ويقول له : «أنت الضّال المضّل! ...
ومحمّد اليتيم صلىاللهعليهوآله (٣) الّذي لا يملك شيئا من حطام الدّنيا (٤) كيف سفّه أحلام
__________________
(١) الأنبياء : ٦٧.
(٢) القصص : ٢٤.
(٣) ماتت أمّه ، وله ست سنين. انظر ، الخصائص الكبرى : ١ / ٨٠. الحاوي للفتاوي : ٢ / ٢٢ ، السّيرة