وقال : «يا عليّ ، إنّ القوم سيفتنون بأموالهم ، ويمنّون بدينهم على ربّهم ، ويتمنّون رحمته ، ويأمنون سطوته ، ويستحلّون حرامه بالشّبهات الكاذبة ، والأهواء السّاهية ، فيستحلّون الخمر بالنّبيذ ، والسّحت بالهديّة ، والرّبا بالبيع».
قلت : يا رسول الله ، فبأيّ المنازل أنزلهم عند ذلك؟ أبمنزلة ردّة ، أم بمنزلة فتنة؟ فقال : «بمنزلة فتنة» (١).
وزينب هي بنت أمير المؤمنين لا تعدوه في إيمانها ، ولا في نظرها إلى طريق الخلود والكرامة ... ولذا لم تترك الصّلاة شكرا لله ، حتّى ليلة الحادي عشر من المحرّم ، وحين مسيرها مسبيّة إلى الكوفة والشّام ، وحمدت الله ، وهي أسيرة في مجلس يزيد على أن ختم الله للأوّل من أهل البيت بالسّعادة ، وللآخر بالشّهادة والرّحمة.
ومن الخير أن ننقل كلمة لأبيها أمير المؤمنين تتّصل بالموضوع وتلقي عليه ضوءا من أنوار الحكمة كالهداية ، قال :
«أنّ أشدّ النّاس بلاء النّبيّون ، ثمّ الوصيون ، ثمّ الأمثل فالأمثل ، وإنّما يبتلى المؤمن على قدر أعماله الحسنة ، فمن صحّ دينه ، وحسن عمله اشتدّ بلاؤه ، ذلك أنّ الله لم يجعل الدّنيا ثوابا لمؤمن ، ولا عقوبة لكافر ، ومن سخف دينه ضعف عمله ، وقلّ بلاؤه ، وأنّ البلاء أسرع إلى المؤمن التّقي من المطر إلى قرار الأرض» (٢).
__________________
(١) انظر ، نهج البلاغة : الخطبة «١٥٦».
(٢) انظر ، الكافي : ٢ / ٢٥٩ ح ٢٩ ، علل الشّرائع : ١ / ٤٤ ح ١ ، السّرائر لابن إدريس : ٣ / ١٤٣ ، وسائل الشّيعة : ٣ / ٢٦٢ ح ٨.