الإمام وغزارتها قد اسعفاه وأمدّاه بتلك الصّحفات الطّوال ، وعكسا في نفسه وعقله سطورها وكلماتها.
استمع إلى المؤلّف ، وهو يقول في أوّل صفحة من مقدّمة الكتاب : كتبنا عن سبعة من الأئمّة الكرام ، وتأخرنا في الكتابة عن الإمام الصّادق تهيّبا لمقامه.
ثمّ أنّ الشّيخ الفاضل يوافق الإماميّة الإثني عشريّة عن علم وإيمان بكلّ ما يعتقدونه بالإمام الصّادق ، ولا يخالفهم إلّا في أمرين : الأوّل في وجوب العصمة له ، والثّاني في أنّه إمام سياسي ، كما أنّه إمام ديني بالنّص من إمام عن إمام إلى أن ينتهي النّص إلى الرّسول الأعظم صلىاللهعليهوآله. أنّ الشّيخ أبا زهرة يعتقد بإمامة الصّادق في الدّين والعلوم ، وأنّه الفصل والفارق بين الحقّ والباطل ، كما جاء في : ١٨٤ ، ولكنّه يختلف عن الإماميّة بالإتّجاه ، وقد بين ذلك صراحة في : ٧٤ حيث قال ما نصّه بالحرف الواحد :
«ندرس الإمام الصّادق بنظرنا وتفكيرنا وباتّجاهنا ، ولسنا بصدد تقرير ما يراه الّذين حملوا اسم الجعفريّة فقط ، ولا ضير في أن يختلف نظرنا إلى الإمام عن نظرهم ما دامت النّتيجة هي بيان شأن الإمام ، وبيان علو قدره ، وقد اعلوه بنظرهم ، ونعليه بنظرنا ، والغاية واحدة ، وحسبه شرفا أنّه يصل إلى أعلى مراتب الرّفعة باتّجاهنا واتّجاههم ، ونظرنا ونظرهم».
والآن ، وبعد هذا التّمهيد تعالوا معي لنرى إلى هذه الشّرارة من القبس الّذي آتانا به فضيلة المؤلّف من نور الإمام الصّادق وهديه :