القلوب وتمتليء بالبهجة العريضة ... وترتفع الأصوات من حناجر الألوف ممتلئة بالحبّ الحقيقي تنادي : «يا رئيسة الدّيوان» ...!
أنّ السّيّدة زينب «رئيسة الدّيوان» رمز لشيء عميق الدّلالة ، أنّها المرأة الباسلة الشّجاعة الّتي ظلّت تضمّد جراح الرّجال في معركة كربلاء من أبناء بيت الرّسول وأتباع الحسين ، حتّى سقطوا جميعا صرعى بين يديها.
لم يرهبها جنود «يزيد بن معاوية» الأنذال السّفّاحون ، الّذين اقتلع حكم يزيد الباطش المطلق من نفوسهم آخر خيط يربطهم بالإنسانيّة ... فكانوا يقطعون بسيوفهم رقاب الأطفال أمام السّيّدة زينب ، ورأتهم يبقرون بطن غلام من أبناء الحسين ، فلم يزدها ذلك إلّا بسالة وتماسكا ورغبة في النّصر.
ورأت أخاها العظيم الباسل «الحسين بن عليّ» وقد وقف بمفرده أمام جنود يزيد وهو يرفض التّسليم وراح يقاتلهم بعد أن استشهد كلّ أتباعه وأهله ... ما عدا ولده زين العابدين الّذي كان مريضا ، ونائما في حضن عمّته «زينب» فتركوه ظنّا منهم أنّه سيلفظ أنفاسه الأخيرة من المرض ... لكنّه عاش ... وكان شوكة في جنب الدّولة الأمويّة ، تلك الدّولة الّتي أقامها معاوية بالدّس والشّر ، والتّنكر لأعظم مباديء الإنسانيّة في ذلك الزّمان ... لرسالة محمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
واندفعت زينب من خبائها نحو أخيها ... حاسرة الرّأس ملتاعة ، وزعقت بكلّ قواها ... وا حسيناه ... ثمّ سقط مغمى عليها من الحزن العميق ...
كانت ترى في نهاية الحسين ، انهيارا لبناء هائل كبير أقامه جدّها النّبيّ في طول الأرض وعرضها ، ليخلّص البشريّة من انحطاطها واندفاعها نحو الفوضى