قوم اذا نودوا لدفع ملمة |
|
والخيل بين مدعس ومكردس |
لبسوا القلوب على الدروع واقبلوا |
|
يتهافتون على ذهاب الأنفس |
فبرز يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله بن زياد وقالا : من يبارز ، فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير ، فقال لهما الحسين عليهالسلام : اجلسا ، فقام عبد الله بن عمير الكلبي فاستأذن الحسين عليهالسلام في مبارزتهما وكان طويلا بعيد ما بين المنكبين ، فنظر اليه الحسين عليهالسلام وقال : اني احسبه للأقران قتالا واذن له ، وكان قد خرج من الكوفة ليلا ومعه امرأته ام وهب الى الحسين عليهالسلام لأنه لما رأى العساكر تعرض بالنخيلة لتسير الى حرب الحسين عليهالسلام قال : والله لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصا ، واني لأرجو ان لا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أقل ثوابا عند الله من جهاد المشركين ، فأخبر زوجته فقالت : اصبت أخرج واخرجني معك ، فلما برز قال له يسار : من أنت؟ فانتسب له ، فقال له : لست أعرفك ليخرج الي زهير بن القين او حبيب بن مظاهر او برير بن خضير ، فقال له ابن عمير : يا ابن الفاعلة وبك رغبة عن مبارزة احد من الناس ولا يبرز اليك أحد الا وهو خير منك ثم شد عليه فضربه بسيفه حتى برد وهو أول من قتل من أصحاب ابن سعد ، فانه لمشتغل بضربه اذ شد عليه سالم مولى عبيد الله فصاحوا به قد رهقك العبد فلم يعبأ به حتى غشيه ، فبدره بضربة اتقاها ابن عمير بيده اليسرى فأطارت أصابع كفه ، ثم شد عليه ابن عمير فضربه حتى قتله ، فرجع وقد قتلهما جميعا وهو يرتجز ويقول :
ان تنكروني فأنا ابن كلب |
|
حسبي ببيتي في عليم حسبي |
اني امرؤ ذو مرة (١) وعضب (٢) |
|
ولست بالخوار (٣) عند النكب (٤) |
__________________
(١) المرة بالكسر قوة الخلق وشدته والعقل والأحكام والقوة (منه).
(٢) العضب : الطعن والضرب (منه).
(٣) الخوار : الضعيف (منه).
(٤) النكب : المصيبة (منه).