أنه وكل بهم جمعا من الملائكة عليهمالسلام وجمعا من مؤمني الجن ، هذا وفي قصتي داود وسليمان عليهماالسلام ما يدل على عظم قدرة الله تعالى.
قال الإمام : وتسخير أكثف الأجسام لداود عليهالسلام وهو الحجر إذ أنطقه الله تعالى بالتسبيح والحديد إذ ألانه سبحانه له وتسخير ألطف الأجسام لسليمان عليهالسلام وهو الريح والشياطين وهم من نار وكانوا يغوصون في الماء فلا يضرهم دليل واضح على باهر قدرته سبحانه وإظهار الضد من الضد وإمكان إحياء العظم الرميم وجعل التراب اليابس حيوانا فإذا أخبر الصادق بوقوعه وجب قبوله واعتقاده (وَأَيُّوبَ) الكلام فيه كما مر في قوله تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي) أي بأني (مَسَّنِيَ الضُّرُّ) وقرأ عيس بن عمر بكسر الهمزة على إضمار القول عند البصريين أي قائلا إني ، ومذهب الكوفيين إجراء نادى مجرى قال ، والضر بالفتح شائع في كل ضرر وبالضم خاص بما في النفس من مرض وهزال ونحوهما (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) أي وأنت أعظم رحمة من كل من يتصف بالرحمة في الجملة وإلا فلا راحم في الحقيقة سواه جل شأنه وعلا ، ولا يخفى ما في وصفه تعالى بغاية الرحمة بعد ما ذكر نفسه بما يوجبها مكتفيا بذلك عن عرض الطلب من استمطار سحائب الرحمة على ألطف وجه.
ويحكى في التلطف في الطلب أن امرأة شكت إلى بعض ولد سعد بن عبادة قلة الفار في بيتها فقال : املئوا بيتها خبزا وسمنا ولحما ، وهو عليهالسلام على ما قال ابن جرير : ابن اموص بن رزاح بن عيص بن إسحاق ، وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط عليهالسلام وأن أباه ممن آمن بإبراهيم عليهالسلام فعلى هذا كان قبل موسى عليهالسلام ، وقال ابن جرير : كان بعد شعيب عليهالسلام ، وقال ابن أبي خيثمة ، كان بعد سليمان عليهالسلام.
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال أول نبي بعث إدريس ثم نوح ثم إبراهيم ثم إسماعيل وإسحاق ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود ثم صالح ثم شعيب ثم موسى. وهارون ثم الياس ثم اليسع ثم يونس ثم أيوب عليهمالسلام ، وقال ابن إسحاق : الصحيح أنه كان من بني إسرائيل ولم يصح في نسبه شيء إلا أن اسم أبيه أموص.
وكان عليهالسلام على ما أخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب طويلا جعد الشعر واسع العينين حسن الخلق قصير العنق عريض الصدر غليظ الساقين والساعدين وكان قد اصطفاه الله تعالى وبسط عليه الدنيا وكثر أهله وماله فكان له سبعة بنين وسبع بنات وله أصناف البهائم وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد لكل عبد امرأة وولد فابتلاه الله تعالى بذهاب ولده بهدم بيت عليهم وبذهاب أمواله وبالمرض في بدنه ثماني عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة أو سبعا وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات أو ثلاث سنين ، وعمره إذ ذاك سبعون سنة ، وقيل ثمانون سنة ، وقيل أكثر ، ومدة عمره على ما روى الطبراني ثلاث وتسعون سنة وقيل أكثر. روي أن امرأته وكونها ماضر بنت ميشا بن يوسف عليهالسلام أو رحمة بنت أفرائيم بن يوسف إنما يتسنى على بعض الروايات السابقة في زمانه عليهالسلام. قالت له يوما : لو دعوت الله تعالى فقال : كم كانت مدة الرخاء فذكرت مدة كثيرة وفي بعض الروايات ثمانين سنة فقال عليهالسلام : أستحي من الله تعالى أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي. وروي أن إبليس عليه اللعنة أتاها على هيئة عظيمة فقال لها : أنا إله الأرض فعلت بزوجك ما فعلت لأنه تركني وعبد إله السماء فلو سجد لي سجدة رددت عليه وعليك جميع ما أخذت منكما.
وفي رواية لو سجدت لي سجدة لرددت المال والولد وعافيت زوجك فرجعت إلى أيوب عليهالسلام وكان ملقى في الكناسة ببيت المقدس لا يقرب منه أحد فأخبرته بالقصة فقال عليهالسلام : لعلك افتتنت بقول اللعين لئن عافاني الله عزوجل لأضربنك مائة سوط وحرام عليّ أن أذوق بعد هذا من طعامك وشرابك شيئا فطردها فبقي طريحا